اليوم وبعد أربع سنوات، يجد العسيري نفسه أمام إمكانية صناعة التاريخ والتتويج بلقبه الثاني في المواي تاي (الملاكمة التايلاندية) في المنظمة عندما يدخل إلى ملعب سنغافورة الداخلي في 19 نونبر لقتال حامل لقب المواي تاي عن فئة وزن الذبابة، رودتانغ جيتموانيون.
يأتي هذا النزال بعد سلسلة انتصارات في ثلاث نزالات متتالية للعسيري، فاز في آخرها بحزام المواي تاي عن فئة وزن القشة في ماي على حساب المقاتل التايلاندي براجانشاي ساينشاي، وهي نتيجة صدمت متابعي الفنون القتالية.
ولكن انقلاب حال العسيري، وصعوده إلى قمة عالم المواي تاي، لم يأتِ صدفةً. يقول البطل المغربي، ذو الـ31 عاماً، إنّ مفتاح نجاحاته كان إصراره على تحدي ذاته لمواجهة مخاوفه من الخسارة.
وقال: "عندما تتقبل مخاوفك وتواجهها، يمكنك أن تقدم أداءً كبيراً، يحصل ذلك عندما تتقبل ما في داخلك. إذا كنت تخاف من شخص ما، عليك أن تتقبّل ذلك. بالنسبة لي، هذا ما يدفعني إلى القتال، أقاتل كي أتحدى ذاتي".
الروح القتالية التي أظهرها العسيري في طريقه لاعتلاء تصنيفات المواي تاي في بطولة "ون" لم تكن جديدة عليه، إذ تعوّد ابن المغرب على تحدي ذاته لمواجهة صعوبات الحياة الشخصية والمهنية منذ زمن بعيد.
ابن المغرب وُلد في مدينة مونزا الإيطالية، التي يصفها ببساطة بأنها "ليست أفضل مكان للعيش". عندما واجهت العائلة صعوبات مالية نتيجة توقف والديه عن العمل، سافر يوسف إلى بريطانيا حيث عمل في مطعم بيتزا لإعالة عائلته في إيطاليا، وهي خطة يعتبرها يوسف الأصعب في حياته.
وقال: "أصعب ما قمت به هو الذهاب إلى لندن لأن والديّ لم يمتلكا وظيفة. ذهبت إلى هناك لأنني كنت بحاجة إلى عمل كي أرسل أموالاً إلى أهلي ليدفعوا الإيجار".
هذه التجربة شكلت منعطفاً في حياة العسيري الذي تعلم منها الكثير، إذ يقول: "ما تعلمته هو أنني أستطيع دائماً أن أتكيّف مع الظروف الصعبة من دون أن أخسر شغفي. وعلمتني التجربة الانضباط والالتزام في الرياضة، وأن أبقى أحارب كي أصل إلى أهدافي. هناك دوماً طريق".
غير أنّ العسيري، الذي كان قد اكتشف شغفه بالمواي تاي في إيطاليا، بقي مصراً على شق طريقه في الرياضة في لندن. بعدما ظهرت موهبة العسيري المميزة، انتقل المقاتل إلى تايلاند ليخضع لتدريبات على أعلى مستوى في بلاد المواي تاي.
وقال: "بقيت أتدرب المواي تاي لأنني في كل مرة كنت أتدرب، كنت ألاحظ كم أنني أتطوّر. وبعد كل انتصار، كنت أشعر بزيادة في مهاراتي الرياضية وحياتي الشخصية. فقد ساعدتني المواي تاي كثيراً".
سرعان ما أثبت العسيري نفسه في رياضته المفضلة، إذ حقق عدداً من البطولات، منها لقبين في أوروبا وبطولة المواي تاي في المجلس العالمي للملاكمة (WBC) في العام 2017.
في العام 2018، انضم العسيري إلى بطولة "ون". مرة جديدة، وجد نفسه أمام تحد كبير لكسر سلسلة من الهزائم، وفعلها باجتهاده وإصراره على التغلب على المصاعب.
واليوم، مجدداً، يقف العسيري أمام امتحان كبير عندما يواجه التايلاندي رودتانغ جيتموانيون في 19 نونبر الحالي ضمن عرض ONE Fight Night 4.
يصبّ العسيري مجهوده على الاستعدادات لمواجهة رودتانغ بهدف انتزاع لقب وزن الذبابة منه. المهمة ليست سهلة، لكن العسيري تحدى نفسه مرات عدة وأثبت أنه من الرياضيين الذين يجدون في التحديات فرص لإثبات الذات.
على بعد خطوة من تسجيل اسمه في تاريخ المواي تاي، قال العسيري: "أريد الفوز بهذا الحزام، لأنه تحدٍّ شخصي، وسأكون فخوراً بذلك".



