فقد حضر أسود الأطلس العرس الكروي العالمي من أجل خطف الأضواء عبر تقديم أداء كروي مفتوح بدون أدنى حسابات، فأبانوا بمناسبة ظهورهم الجديد على الساحة الدولية، عن مواهبهم الفذة وحنكتهم المتميزة في مداعبة المستديرة، وعكسوا على البساط الأخضر ما تتميز كرة القدم من جمالية.
وهكذا، فقد سطع نجم أسود الاطلس في مجموعة "الموت"، في ظل منافسة صعبة للغاية، تسجل تواجد كبار نجوم اللعبة على الساحة العالمية، بالرغم، من أن الحظ لم يبتسم لهم وعاكسهم، خاصة خلال آخر لقائهم التاريخي أمام العملاق الاسباني.
والواقع، أنه خلال مواجهتهم لمنتخبات الصفوة العالمية، لم يشعر اللاعبون المغاربة بأدنى مركب نقص، فقد مكنتهم مؤهلاتهم وكذا الجرعة الزائدة من متعة اللعب من ولوج المجد الكروي عبر أوسع الأبواب، إذ بعد التعثر المفاجئ ضد المنتخب الإيراني (0-1)، كانوا ندا قويا أمام أصدقاء الدون كريستيانو رونالدو بالرغم من أن النتيجة النهائية، المرادفة للإقصاء، قد خذلتهم.
وبعيدا على أن يكونوا قد خضعوا للترويض، فإن الأسود تمتعوا برباطة جأش مثالية، منعت الشك من أن يدب في نفوسهم، أو يستسلموا بالتالي لقدر الاقصاء، بل رفضوا وضع السلاح والخروج من المونديال من الباب الخلفي دون أن يخوضوا المعركة الأخيرة بشجاعة ويرفعوا التحدي الاخير بكل ما أتوا من قوة وكبرياء.
واستمدوا هذه القوة الذاتية من خلال التكشير عن أنيابهم الشرسة والصاخبة لتكريس تواجدهم، وتسجيل مرورهم التاريخي بالعرس الكروي العالمي بمداد من الفخر، من خلال مقارعة الالة الايبيرية المدمرة، والتحرر من ذلك الضغط "السلبي" الرهيب.
فقد كانت رغبتهم جامحة في انهاء مشوارهم في المونديال الروسي بشكل مشرف وتمكنوا فعلا من البصم على اداء أكثر من ساحر سيبقى خالدا في سجل كرة القدم العالمية بعد أن جعلوا أبطال العالم في مونديال 2010 يعانون الأمرين، قبل أن تنقدهم تقنية الاستعانة بالفيديو (الفار) من هزيمة تاريخية ومكنهم من انتزاع تعادل مشكوك في مشروعيته (2-2).
هذه العودة، التي تأتي تتويجا لمسار بطولي في التصفيات الأفريقية اختتم بالفوز المستحق على فيلة الكوت ديفوار في عقر دارهم (0-2)، ستظل خالدة في السجل الذهبي لأسود الأطلس ليس فقط باعتبارها منعرجا صعب المنال ولكن كذكرى يحلو تذوقها، ويتعين صونها لمواصلة تحقيق الانجازات المنشودة.
فالإنجاز الذي حققه المنتخب المغربي كان مبهرا، بل حقيقة لا يمكن إنكارها، تحول الى عامل قوة، حيث اكتسب اللاعبون، داخل رقعة الميدان، المزيد من الثقة للعودة بكل قوة وثقل على الصعيد القاري.
وبالرغم من طي صفحة المونديال، لكن المنافسات، مع كل من تحمله اثارة، وتخوف والجرعات العالية من الأدرينالين، تتوالي وتتواصل مثل النيران التي تضيء الافاق المستقبلية.
وبعد المسار الناجح للاعبين المحليين في بطولة إفريقيا للاعبين المحليين، كانت 2018 سنة ناجحة بالنسبة لكرة القدم المغربية مع أشبال الناخب الوطنيي الفرنسي هيرفي رونار، من خلال تحقيق انتصار تاريخي في الاقصائيات المؤهلة لكأس إفريقيا 2019، على الاسود غير المروضة للكاميرون بهدفين لصفر.
هذا الانتصار الذي طال انتظاره، أراده المغاربة أن لا يكون فقط إنجازا بل بداية عهد تربع كرة القدم المغربية على عرش افريقيا الكروي، ويحمل في طياته رسالة مفادها الاستمرار في هذه الانطلاقة المظفرة للتموقع ضمن عمالقة القارة من خلال الاعتماد على هذا الجيل الذهبي الجديد من اللاعبين الاستثنائيين الذين لا يفتقرون إلى الخبرة ولا الثقة، وهي مؤهلات يتعين تحويلها واستثمارها في يونيو القادم، إلى قيمة مضافة تكون في خدمة روح الفريق خلال العرس الافريقي القادم.