لم يخل شارع رئيسي بالبيضاء، قبل مباراة الرجاء البيضاوي والجيش الملكي، من زجاج حافلات النقل التي هشمت نوافذها، وأخرى اضطرت إلى التوقف بعد تخريب محتوياتها...إنها الكارثة التي حلت بالمدينة، إذ يفرغ مهووسون بالشغب "كبتهم" في حافلات النقل والمحلات التجارية والسيارات، حتى اعتاد البيضاويون معاينة بعضهم يهشم الزجاج، وآخر يقذف بالكراسي إلى الشارع، وفريق ثالث يعتلي سقفها في مشهد مقزز، والبيضاويون وحدهم يؤدون ضريبة طيش المشاغبين.
ويحكي أحد المسؤولين أن شركة "مدينة بيس" والترامواي ظلت تحصي خسائر الحافلات إلى حدود الثالثة من صباحا، قبل الاعتراف بالعجز عن تحديد عددها الإجمالي، إذ تعرض جل أسطول النقل والترامواي والسيارات إلى تكسير الزجاج واقتلاع الكراسي وأضرار أخرى، دون أن يشعر أحد بأن التخريب أصبح سلوكا عاديا في قاموس هؤلاء المشاغبين. فمن يؤدي ضريبة العبث؟ ببساطة البيضاويون أنفسهم، فآلاف العاملين وجدون أنفسهم في ورطة حقيقية، لكن ما حدث ذلك اليوم يفوق التصور.
تخريب ممتلكات المدينة
كل من عاين الفيديوهات التي نُشرت لحظة هجوم المآت من المحسوبين على جمهور الجيش الملكي على وسط المدينة يعتقد أن طوفانا بشرية "متوحشا" نكل بسكانها، والبداية كانت بالتجمع في محطات القطار، ثم التوجه جماعة إلى الشوارع والأزقة المؤدية إلى المركب الرياضي محمد الخامس، منهم من يحطم السيارات، وآخرون يعترضون السكان ويشهرون أسلحتهم البيضاء لوسلب ما يملكونه، وفريق ثالث يقذف المحلات التجارية والمقاهي بالحجارة وسط هلع الزبناء... إنها الفوضى التي قادها مشاغبون. لكن كيف تطور الأمر إلى حد العبث بممتلكات مدينة في حجم البيضاء؟
طالما انتقد سكان المدينة تزايد أعمال الشغب في ملاعب كرة القدم، خلال الفترة الأخيرة، إذ شهدت مباريات الدوري الاحترافي حالات شغب أثارتها الجماهير المُشجعة للفرق المتنافسة، سواء داخل مدرجات الملاعب أو حتى في المناطق المحيطة بها، رغم التدابير الاحترازية التي اتخذها الأمن والجامعة الملكية المغربية لكرة القدم، وكذا سن قانون مكافحة الشغب في الملاعب، والبدء بتطبيقه خلال الموسم الجاري.
ترى السلطات الأمنية أنها اتخذت عددا من الإجراءات للحد من الشغب من خلال تدابير استباقية وأخرى تأديبية بحق المشاغبين، مثل المتابعة القضائية للمتورطين وإلزام الفرق الرياضية بتحديد سقف لعدد مشجعيها الذين سيلجون الملاعب لمتابعة مبارياتها، وتكليف شركات للأمن الخاص ومختصين في مراقبة التذاكر ، كما أوصت بتعزيز الملاعب والمدرجات بكاميرات ترصد حركات المتفرجين ومنع المشجعين القاصرين. لكن كل هذه الوسائل لم تمنع من تخريب المدينة.
وكانت العديد من الأصوات نادت في وقت سابق بتطبيق القانون على المشاغبين وعدم السماح للأطفال والمراهقين دون السادسة عشر سنة بولوج الملاعب دون أولياء أمورهم، إضافة إلى الصرامة في التعامل مع متعاطي المخدرات وأقراص الهلوسة والمتاجرين في الشهب الاصطناعية.