وفي انتظار يونيو 2018، تاريخ الإعلان عن الدولة التي ستحتضن المنافسات، لن تكون مهمة المغرب في إقناع 209 مصوتا مفروشة بالورود، حيث سيطرح الملف المشترك لكل من الولايات المتحدة، التي استضافت نسخة 1994، والتي ستجرى فوق أرضها 60 مقابلة من أصل 80 لمونديال 2026، والمكسيك التي احتضنت نسختي 1970 و1986، وكندا، العديد من المشاكل للملف المغربي الذي يبدو أنه ليس لديه ما يحسد عليه ملف أمريكا الشمالية.
ومن وجهة نظر الاتحاد الدولي لكرة القدم (الفيفا)، التي تحرص على التناوب القاري لاستضافة هذه المنافسة العالمية، تعيق نسخة 1994، التي سبق أن احتضنتها أمريكا، ملف ترشيحها، حيث أنه بعد إجرائها في القارة الإفريقية سنة 2010، وفي أمريكا سنة 2014 وفي أوربا سنة 2018 وفي أسيا سنة 2022، يقتضي التناوب أن تعود استضافة هذه المنافسات العالمية للقارة الأسترالية، لكن هذه الأخيرة، التي سعت إلى احتضان نسخة 2022، لم تبد أي اهتمام باستضافة نسخة 23. وعليه، فهذه النسخة يجب أن تنظم في القارة السمراء.
وبحكم توفره على بنيات رياضية وفندقية وسياحية مهمة، واعتبارا لموقعه الجغرافي الذي يتيح استضافة المشحعين من كل القارات الخمس، وتمتعه بحقوق تسويق البث التلفزي، يعد المغرب، الذي استضاف 10 مليون سائح خلال سنة 2016، حسب جميع التوقعات، أفرب من أي وقت مضى من تنظيم هذه التظاهرة الرياضية الأكثر شعبية في العالم، لاسيما بعدما أعلنت الفيفا أن ملفي ترشيح كل من أوروبا وأسيا لنسخة 2026 لن يحظيا بالقبول.
وبسبب توفره على تاريخ رياضي عريق، وفوزه بكأس إفريقيا لسنة 1976 وحضوره في أربع مناسبات عالمية، يمكن للمغرب أن يعول على دعم الكونفدرالية الإفريقية لكرة القدم (الكاف) والجامعات الإفريقية والعربية لكرة القدم، حيث أبرمت الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم مايقارب 40 اتفاقية حول تطوير كرة القدم الإفريقية، كما حرصت على تعزيز ثمتيلها في المؤسسات العليا للكاف.
وفي هذا السياق، مافتئ رئيس الكاف السيد أحمد أحمد يؤكد دعمه المطلق للملف المغربي، معربا عن "يقينه" بقدرة المملكة على استضافة هذه التظاهرة الكروية العالمية في أحسن الظروف.
وعبر رئيس الفيفا السيد جياني إنفنتينو عن يقينه أيضا أن المملكة "قادرة على تنظيم كأس العالم اعتبارا لبنياتها التحتية المهمة وإمكانياتها التنظيمية".
وصرح السيد إنفنتينوا، خلال فعاليات المناظرة الدولية حول كرة القدم الإفريقية بالصخيرات التي كانت مناسبة للمغرب لحشد الدعم لملفه الترشيحي، أن ترشح المغرب لاستضافة هذه التظاهرة " لم يأت من فراغ".
وعمليا، لن تخسر أوروبا، القارة الأكثر حضورا في كأس العالم، أي شيء إذا ما تم تنظيم النسخة الأولى التي سيشارك فيها 48 فريقا، على أرض أحد شركائها الأكثر مصداقية.
وبغض النظر عن استقراره السياسي والاقتصادي وجودة إمكانياته على مستوى وسائل النقل، يتوفر المغرب على عامل أساس يتعلق الأمر بالتوقيت الزمني الذي يطرح العديد من المشاكل للفيفا، والتي صرحت أنها تحتفظ بحق تكييف مواعيد انطلاق المباريات، بدءا من نسخة 2026، حسب الفارق الزمني للدول المعنية بمباريات كأس العالم.
كما سيشكل تنظيم كأس العالم 2026 في المغرب خبرا سارا للقارة الأسيوية، التي تعد السوق الكبرى الجديدة، التي تخدم مصالح الفيفا، والفاعلين في قطاع الإعلام والرياضة العالمية، والذين شكل عامل اختلاف التوقيت الزمني، بالنسبة لهم، عائقا أمام تسويق أكبر التظاهرات الرياضية العالمية.
وفوق كل هذه الاعتبارات، يبقى طموح المغرب في استضافة هذه التظاهرة الكروية العالمية مشروعا، حيث أنه يحق للمملكة أن تدافع عن ملفها كونها الأكثر قدرة على استضافة النسخة 23 وذلك بعدما كانت أول من طالب بحق القارة السمراء، لما فيه مصلحتها كلها، في تنظيم هذه التظاهرة فوق أراضيها بترشحها أمام الولايات المتحدة سنة 1994 وبحرمانها من الاستضافة أمام جنوب إفريقيا سنة 2010.