في مركز منطقة مولاي إبراهيم، هذه الوجهة السياحية الجبلية التي تبعد عن مدينة مراكش بقرابة 50 كيلومترا، يترائ لك نساء ورجال يشتغلون كخلية نحل في طهي وجبات الأكل وتحضير الخبز. المبادرة، التي يقودها شابات وشبان قدموا من مدينة برشيد ويتبناها أحد المحسنين بالمدينة المذكورة، ارتكزت على وضع مطبخ ميداني بمولاي إبراهيم لتقديم العون والمساعدة للمتضررين من الزلزال. حوالي 30 متطوعا يسهرون منذ الأسبوع الماضي على توفير وجبات الفطور والغداء والعشاء للمتضررين من الزلزال.
داخل المطبخ الميداني، تظهر عزيزة، سيدة في عقدها الرابع، بجانب قِدر ضخم تشرف على طهي طبق اللحم بالزيتون. عزيزة تقول إنها تركت عائلتها ببرشيد لتحل بمنطقة مولاي إبراهيم لتقديم يد العون إلى المتضررين، مُلبية بذلك نداء الوطن
بمعدل 2000 خبزة في الساعة، يشتغل المطبخ الميداني دون كلل أو ملل موفرا وجبات غدائية لدواوير منطقة مولاي إبراهيم. يقول أحد المشرفين على المبادرة إنهم قدموا إلى المنطقة محملين بفرنين وآلة للعجن بالإضافة إلى ما يقارب 6 شاحنات حملت مختلف المواد الغذائية وكذا أغطية وأفرشة تم توجيهها إلى منطقة الحوز والجماعة القروية مجاط بشيشاوة.
كما قام المشرفون على المبادرة الإنسانية بنقل قرابة 100 خروف إلى منطقة مولاي ابراهيم، حيث يُذبح منها حوالي 16 خروف يوميا من أجل إعداد هذه الوجبات.
تضامن منقطع النظير
وأعربت ساكنة مولاي إبراهيم عن امتنانها للخدمات التي يقدمها شباب أولاد حريز، معبرين عن شكرهم للمشرفين على هذه المبادرة الإنسانية التي وفرت لهم احتياجاتهم خلال هذه الفترة الصعبة.
ومنذ الساعات الأولى من وقوع الفاجعة، بدأت قوافل التضامن تسابق الزمن من أجل إيصال المساعدات الإنسانية إلى المناطق المنكوبة بسبب الزلزال الذي ضرب الجمعة الثامن من شتنبر منطقة الحوز وامتدت آثاره المدمرة إلى أقاليم شيشاوة، تارودانت، ورزازات وأزيلال.
هذا ويعتبر مركز مولاي ابراهيم من المناطق أكثر تضررا من الزلزال، وفق ما عاينه Le360، فقد سُوّيت أغلب المنازل والمحلات التجارية بالأرض.
المأساة كشفت معدن المغاربة
شكلت هذه المأساة الإنسانية حافزا لكل المغاربة الذين هبوا منذ اللحظات الأولى للكارثة، من أجل مدّ يد المساعدة للمتضررين، ومدّ العون لهم ونسج خيوط الأمل لغد أفضل. «منتدى فكرة»، التابع لمبادرة «معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى»، اعتبر، في وثيقة تحليلية، أن «التضامن العفوي وواسع النطاق» لفئات متعددة من المغاربة «لم يسهم في تقديم مساعدات أساسية للمناطق المتضررة فحسب، بل سلط الضوء أيضا على القيم الإنسانية التي يتحلّى بها المغاربة في أوقات الأزمات، ووحدة صفهم التي يشهد عليها التدفق المستمر للدعم الذي حوّل جهود الإنقاذ والإغاثة إلى مصدر فخر وطني».
وأضافت الورقة التحليلية: «لقد حظيت هذه الاستجابة الجماعية بما تستحقه من ثناء على المستوى الدولي، إذ أكّدت استعداد المغرب لمواجهة هذه المأساة بموارده الخاصة وبدعم شعبه. وشرعت وسائل الإعلام الدولية في تسليط الضوء على وحدة المغاربة اللافتة للنظر».
واعتبر مركز التفكير الأمريكي أن موجة التضامن والتعبئة الاجتماعية التي انطلقت في أعقاب الزلزال الذي هز منطقة الحوز مؤخرا تجسد وحدة الشعب المغربي وتعكس القيم الإنسانية للمملكة في أوقات الأزمات.