في كلمته التقديمية كشف المهدي ليمينة عن خصوصيات هذا المشروع بالنسبة لمدينة في حجم الدارالبيضاء وضرورة الانخراط في هذا الأفق الاجتماعي الذي تتبنّاه الجمعية من أجل الحد من حجم العنف الممارس على النساء البائعات داخل الفضاءات العامة، خاصّة داخل الأسواق النموذجية وغيرها. وشدّد ليمينة في كلمته، باعتباره منسقاً لهذا المشروع على ضرورة خلق نوع من الاتحاد من أجل إنجاح هذا المشروع الذي يطمح إلى تسوية أوضاع النساء داخل الفضاءات العامة. كلّ هذا في أفق «انخراط مدينة الدارالبيضاء في عمق هذا المشروع حتى يكون في خضم مدينة كبيرة وتتمتّع بنوع من الاستقرار».
أما أيمن السعيدي، ممثل هيئة الأمم المتحدة للمرأة بالمغرب، فقد أشار في مداخلته بعد كلمة شكر لكلّ طاقم الجمع ة إلى ضرورة العمل الجماعي من أجل تحقيق نتائج كبيرة فيما يتّصل بعملية القضاء على العنف. وبالتالي، فإنّ مثل هذه المشاريع في نظ ه تُعيد للفضاء العام مكانته الاعتبارية، سواء تعلّق الأمر بالرجال أو النساء.
أما النائبة الأولى لرئيسة مجلس جماعة الدارالبيضاء مليكة مزور، فقد استهلّت مداخلتها في كونها « فرحة بعمق هذا المشروع الذي يمسّ جميع المغاربة لكونه مشروعاً يضمن الكرامة والسلامة للنساء اللواتي يشتغلن في الفضاءات العامة، خاصّة وأنّ كرامة النساء وسلامتهن هو شيء ضروري وليس له علاقة فقط بالواجبات الإدارية والسياسية بل هو في عمقه واجبٌ إنساني، مما يفرض علينا جميعاً المشاركة فيه حتّى تستطيع المرأة التجوّل بكلّ حرية. لهذا فإنّ المشروع يدفعنا إلى التفكير جميعاً في تغيير حالة المرأة داخل الفضاءات العامّة. لذلك فإنّ مجلس الجماعة بالدارالبيضاء اشتغل على العديد من المحاور حتّى يُوفّر للمرأة وعائلتها حقوق الكرامة والسلامة ».
تُضيف « لكنْ بما أنّ مدينة الدارالبيضاء المدينة الاقتصادية التي تظلّ المرأة أساسها الحقيقي، ينبغي أنْ نُقدّم لها مساحة أكبر من ناحية الاهتمام، حتّى تستطيع المرأة تحقيق ذاتها ومن بين المحاور التي اشتغلت عليها الدارالبيضاء، نجد التنمية المستدامة وجودة الحياة وهو ما يعني بضرورة الاهتمام بالمساحات الخضراء حتى تستطيع المرأة التجوّل داخلها بكل حرية وتستريح فيها من خلال توفير كل العناصر الأخرى مثل الإنارة والحراسة ».
أما المذكرة المطلبية قدمها الباحث في العمل البرلماني حليم صلاح الدين والتي حملت عنوان « نحو سياسات وتدخّلات عمومية محلية ناجعة بالدارالبيضاء لفائدة النساء العاملات النشيطات في الفضاءات العامّة » فقد رصد فيها الباحث أهم المشاكل التي تعاني منها المرأة العاملة، إذْ يرى أنّه بعد « أزيد من 9 لقاءات عمل وورشات مع النساء العاملات النشيطات في الفضاءات العامة بمدينة الدارالبيضاء وعدد من منتخبات جماعة الدارالبيضاء وبعض مجالس مقاطعاتها بمشاركة عدد من جمعيات المجتمع المدني النشيطة بميدنة الدارالبيضاء، بهدف خلق جسر من التواصل والالتقائية بين مطالب نساء تعملن بمختلف الفضاءات العامة بالعاصمة الاقتصادية وفاعلين عموميين مسؤولين عن جودة الحياة العامة ورفاه المواطنين في إطار الاختصاصات المنوطة بهم بالقانون التنظيمي رقم 113,14 والمتعلق بالجماعات».
وقد حدّد الباحث في موضع حديثه عن ما الذي نعنيه أوّلاً بالنساء العاملات النشيطات في الفضاءات العامّة، فقد خلُص إلى أنّ «النساء العاملات في الفضاءات العامة، هي شريحة تمثل مختلف النساء اللواتي تعملن بالفضاءات العامة، سواء أكانت هذه الفضاءات العامة مهيكلة أو غير مهيكلة وتتمتعن بوضعيات قانونية سليمة اتجاه قانون الشغل النافذ، أو نساء تعملن بالفضاءات العامة ولا تستفدن من أي حماية قانونية أو اجتماعية أو تغطية صحية أساسية».
وحسب نفس المصدر، فقد ارتكزت المذكرة المطلبية على على محورين رئيسيين، الأوّل يتعلّق بالإطار القانوني المنظم للجماعات الترابية في علاقته بمقاربة النوع والثاني يتعلّق بواقع ومطالب النساء العاملات النشيطات بالفضاءات العامة والمقترحات والتوصيات الموجهة لجماعة الدارالبيضاء ومجالس مقاطعتها. ورصد صلاح الدين مشاكل ترتبط بخدمات التزويد بالإنارة العمومية بتراب جماعة الدارالبيضاء ومجالس مقاطعتها، بحيث يرى أنّ هذه الفئة من النساء اللواتي يعملن في الفضاءات العامة، تجد « صعوبة بالغة اتجاه السياسة العمومية المحلية لتوزيع خدمة الإدارة العمومية بالطرق والشوارع والأزقة والمدارات الحضرية بمدينة الدارالبيضاء،
وفي نظره « تلاحظ هذه الفئة فروقاً جوهرية بين طريقة تدبير الإنارة العمومية بالأحياء المصنفة راقية أو متوسطة أو شعبية، وهو الأمر الذي ينعكس على أمنهن وسلامتهن الجسدية والمالية، إذْ إن ضعف وأحياناً غياب الإنارة العمومية في مقابل مغادرة النساء العاملات النشيطات في الفضاءات العامة في الساعات الأولى صباحا يفاقم من فرص تعرضهن لجرائم السرقة أو التعنيف أو الاغتصاب أو التحرّش الجنسي ».
لذلك توصي الجمعية باتخاذ تدابير عملية وآنية لتعميم الإنارة العمومي الكافية الواضحة وذات الجودة وفق التصنيفات والمعايير العالمية لأضواء الشوارع بالمدن المتروبولية وخاصة بالأحياء الاقتصادية والشعبية وتقوية شبكات الكهرباء بمحيط أسواق الجملة والقرب وداخلها. ثم تقديم ساع إنارة أعمدة الإنارة العمومية بالأحياء الشعبية والاقتصادية بساعة على الأقل لتصبح على الساعة الرابعة صباحاً بدل الخامسة.
أما الإشكال الثاني الذي رصده الباحث فيتمثّل في خدمات النقل الحضري وبجماعة الدارالبيضاء ومجالس مقاطعاتها، بحيث يرى أنّ النساء تعاني «من عدد الصعوبات اتجاه سياسة النقل والتنقّل بجماعة الدارالبيضاء، فعلى الرغم من المجهودات المبذولة على مستوى تحديث أسطول حافلات النقل الحضري وانطلاق الباصواي والخط الثالث والرابع من الترامواي، إلاّ أنّ مواقيت انطلاق ونهاية الهمل بهذه الخطوط يحد من استفادة الفئة المستهدفة من الإمكانات الاقتصادية لمدينة الدارالبيضاء».