كما أنه ليس عاديا ولا طبيعيا أن يتوافد على موقع الحدث المهم، وفي مجتمع نحكم على أنه لا يتواصل، في خمسة أيام (من 17 إلى 21 ماي 2024، مليونان و120 ألف زائر.
إن الرقم المذكور بخصوص عدد الزوار، والمعلن عنه رسميا من قبل المديرية المنظمة لم يحطم الأرقام المسبوقة فحسب، بل هو في الوقت نفسه إدانة علنية لسياسة الانغلاق التي ينهجها الكثير من المؤسسات الرسمية.
لا ننكر أنه في ما سبق كانت للمواطنين عموما صورة نمطية عن الأمن، لكن مقاربة الانفتاح حققت أهدافها لأنها أسست لتعاطي جديد مع المؤسسة والمواطن الذي اختار العمل في قطاع الأمن خدمة للوطن والمواطنين.
مع توالي الأعوام أصبحت أيام الأبواب المفتوحة تقليدا يقرب الأمن وإنجازاته أكثر فأكثر من المواطنين، ويسهم في معرفة الدور الذي يلعبه الأمن والأساليب والوسائل المتطورة التي تعتمد لتمكين الأمن بمختلف مشاربه من أداء واجبه وإشاعة الأمن والأمان.
إن الرقم القياسي مقارنة مع الدورات السابقة لهذه التظاهرة يؤكد نجاح التجربة التواصلية والحملات التي سبقت دورة أكادير، ويثبت أهمية تنويع المدن التي تحتضن الحدث الذي يكتسي صبغة مجتمعية.
والواقع أن توافد المواطنين من أكادير ونواحيها، ومن باقي المدن المغربية أيضا، هو انتقاد مبطن لسياسة كثير من الإدارات التي تخفي الكثير عن المواطن ولا تكشف شيئا عن حياتها اليومية وأسلوب ووسائل اشتغالها وأهدافها.
السؤال الذي يجدر طرحه أيهما أحق بإبقاء كل الأمور طي الكتمان الأمن أم قطاعات اختارت أن تبقى مجهولة؟
لابد من التأكيد أن نفخ الريش مثل الطاووس من قبل الكثيرين في الإدارات العمومية، عفا عنها الزمن، في عالم يجنح فيه الناس إلى التواصل أكثر فأكثر.
يجدر بنا أن نتساءل عن الفوائد التي تجنيها بعض المصالح الإدارية من ابتعادها عن المواطنين واعتماد سياسة الأبواب المغلقة. والأكيد أن الجواب يستنبط من السؤال لأن التساؤل يثبت أننا لسننا أمام نظرية نصف الجواب في السؤال، بل إن السؤال ودافعه يقودان حتما إلى الجواب.
إن مكاسب الأبواب المفتوحة لا تنحصر في الرقم الذي قلنا إنه إدانة للمنغلقين على أنفسهم، بل هي عصية على العد فصورة رجل الأمن الذي انحنى لتقديم خدمة بسيطة تتمثل في تقويم رابط حذاء تلميذة التي جابت المغرب والعالم عبر وسائل التواصل أبلغ مما يمكن أن يقال رجل الأمن المغربي وتعامله، وهي في الواقع درس لكل امتهن مهنة معينة لخدمة الوطن والمواطن فلا يتوانى في التعالي.
الصورة التي نحن بصدد الحديث عنها ليست متفردة في خدمة رجل أمن للمواطنين، فهي مسبوقة بمظاهر كثيرة تبعث على الفخر والاعتزاز، وتؤكد تحقيق أهداف المصالحة ونجاح الخطة، لكن تزامنها مع حدث مهم للغاية منحها صيتا أكبر.
إنها بكل صدق تجسيد لانحناء ملآى السنابل، وجلد للمتعالين، الذين يغطون عن فراغهم بسلوكات مرفوضة.
كل الأمل أن تتخذ الإدارات العبرة من الأبواب المفتوحة الحقيقية التي عشنا على إيقاعها وليس الأبواب التي تهدف إلى در الرماد في العيون حيث يجد المواطن نفسه أمام فراغ مهول وشح للمعلومات حتى لا نقول غيابها.
الأبواب المفتوحة تبدأ بالحملات الإعلانية التي « تتحرش » بالمستهدف في كل مكان وزمان، ويحول موعدها إلى وشم في الذاكرة لا أن تمر العملية كلها « حسي مسي » ويعرف بها فقط خلال التقارير السنوية التي لا يصل إليها أحد.