ففي الدار البيضاء، منعت قوات الأمن وقفة احتجاجية في درب غلف، أحد أبرز مراكز التجارية بالعاصمة الاقتصادية، حمايةً للأشخاص والممتلكات. لينتقل العشرات من المحتجين إلى الحي الشعبي درب السلطان حاملين شعارات مطالبة بإصلاح قطاعي التعليم والصحة.
بعد هدوء قصير، عاد شباب من «الجيل Z» إلى شوارع العاصمة الاقتصادية، إذ حرص العشرات من الشبان على التجمع في ساحة السراغنة بحي درب السلطان الشعبي لإسماع صوت مطالبهم.
وكان الشباب قد حددوا درب غلف مكانا للتجمع، غير أن الترتيبات الأمنية حالت دون تنظيم أي تجمع، وذلك لتفادي شلّ واحد من أهم شرايين المدينة، وأيضًا لحماية العدد الكبير من المحلات التجارية والمرتفقين بها.
وفي درب السلطان، رفع المحتجون شعارات جماعية، مجددين مطالبهم بإصلاحات جذرية في قطاعين حيويين وضمان نظام تعليمي في المستوى ومستشفيات أكثر فعالية. وقال أحد الشباب المشاركين: «احتجاجنا سلمي. نريد مغربًا أفضل، مع مستشفيات بخدمات صحية جيدة». وأردف آخر بجانبه: «نريد مدارس تفتح أمامنا آفاق المستقبل وتعليمًا يليق بنا».
وفي اليوم نفسه، خرجت مظاهرات أخرى أيضًا في مدن مثل الرباط ومراكش، لكنها شهدت إقبالًا ضعيفًا هي الأخرى. ومع ذلك، فقد حظيت هذه التعبئات القليلة بحضور إعلامي كبير وانتشار واسع عبر شبكات التواصل الاجتماعي. وعلّق أحد المراقبين قائلًا: «يبدو أن الهدف هو النشر على الإنترنت أكثر من الحشد في الميدان». والسبب واضح: فكل هذا «الحراك» انطلق من الفضاء الرقمي، وتحديدًا عبر منصة «ديسكورد» التي كانت مخصصة أصلًا لهواة ألعاب الفيديو، قبل أن تتحول اليوم إلى فضاء للتجمع بالنسبة لجيل متصل بالشبكة يبحث عن التغيير. عنصر يشكّل في الآن ذاته مصدر قوة لهذه المبادرة ونقطة ضعفها، إذ إن الطابع المجهول لمنظميها يصعب أي حوار، وهو ما يفسر أيضًا قرار السلطات منع هذه المظاهرات.
لا إصابات ولا أضرار مادية
أكد خبير أمني، اليوم الاثنين، أن تدخل القوات العمومية لمنع تجمهرات دعت إليها جهات مجهولة، نهاية الأسبوع، تم وفق مقاربة متوازنة تحرص على صون مرتكزات النظام العام وضمان سلامة عناصر هذه القوات والمتجمهرين.
وأوضح هذا الخبير، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء، أنه بناء على قرار من السلطات المحلية يقضي بمنع التجمهرات التي دعت إلى تنفيذها بمجموعة من المدن المغربية جهات مجهولة، بناءً على محادثات مجهولة صادرة على مواقع التواصل الاجتماعي وخصوصا على أحد تطبيقات الدردشة الافتراضية، نفذت القوات العمومية يومي السبت والأحد الماضيين البروتوكولات الأمنية الاعتيادية من أجل السهر على تنفيذ هذا القرار.
Des jeunes de la génération Z protestent à Casablanca (A.Gadrouz/Le360.)
وأبرز أن منع هذه التجمهرات العمومية ومنع المشاركة غير المشروعة بها شكل غاية وهدف الترتيبات الأمنية التي اعتمدتها القوات العمومية، مشيرا إلى أنه لهذا الغرض تم نشر وحدات بالزي الرسمي الوظيفي وأخرى بالزي المدني التي تحمل هوية بصرية مميزة للقوات العمومية، وهي الوحدات التي لم تكن مجهزة بأي من الأسلحة الوظيفية أو وسائل التدخل الاعتيادية، من قبيل عصي الدفاع وشاحنات ضخ المياه والقنابل المسيلة للدموع التي تعتبر وسائل اعتيادية لتفريق التجمهرات.
وتابع المصدر أن أغلب المشاركين امتثلوا دون مشاكل، فيما رفضت أقلية الانصياع. هؤلاء الأشخاص جرى توقيفهم والتحقق من هوياتهم تحت إشراف النيابة العامة، قبل أن يُفرج عنهم فورًا، باستثناء الحالات التي تبيّنت فيها مخالفات واضحة، خصوصًا في الرباط والدار البيضاء، وهو ما أدى إلى وضعهم تحت الحراسة النظرية القانونية. وتجدر الإشارة إلى أنه لم يُسجَّل أي إصابات ولا أي ضرر مادي.



