المساعي الحميدة التي قادها وسيط المملكة محمد بنعليلو بين طلبة الطب والصيدلة والوزارة الوصية، التي وصفها متابعون بـ«الوساطة الأقوى»، آتت بثمارها الأولى. فقد قرر طلبة الصيدلة تعليق إضرابهم بعد توقيع اتفاق مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار يوم 22 شتنبر، من خلال وساطة مؤسسة وسيط المملكة.
وجاء في بيان صحفي لطلبة الصيدلة: «نحن كممثلين لشعبة الصيدلة ضمن اللجنة الوطنية، نخبر كافة الطلبة أنه تم إبرام اتفاق يوم 22 شتنبر مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار بعد تدخل مؤسسة وسيط المملكة». وأضاف: «في ما يتعلق بالامتحانات، وعدت الوزارة بفترة إعداد كافية، حيث برمجت دورة الفصل الأول، تليها فترة إعداد، ثم دورة الفصل الثاني».
تسهيل التدريب للطلبة
وتم إدراج نقاط الاتفاق بين الطرفين في محضر من خمس صفحات، حصل Le360 على نسخ منه. ووعدت وزارة التعليم العالي بزيادة عدد المقاعد البيداغوجية، استجابة لشكاوى طلبة الصيدلة الذين استنكروا تضخم أعداد الطلبة الجدد التي تجاوزت المعايير الموصى بها من قبل منظمة الصحة العالمية، فضلا عن عدم كفاية القدرات على استقبال التداريب.
وفي ما يخص التداريب، تلتزم الوزارة، التي يشرف عليها عبد اللطيف ميراوي، بالسماح لطلبة السنة الثانية بإكمال التداريب في مجال الرعاية والإسعافات الأولية، وإدماج تدريب لمدة أربعة أسابيع في الصيدليات لطلبة السنة الثالثة، لتمكينهم من تعزيز المعلومات المكتسبة.
كما أن وزارة التعليم العالي عبرت عن استعدادها للحوار مع طلبة السنة الرابعة «حول برمجة التدريب حسب خصوصية كل كلية والإبقاء على التدريب التمهيدي في السنة الرابعة». كما أن الوزارة «ملتزمة بإعادة برمجة التداريب من خلال أربع دورات تدريبية مدة كل منها شهر ونصف» لطلبة السنة الخامسة. وهي تداريب «ستندرج في التوصيف البيداغوجي اعتبارا من بداية الدخول الجامعي 2024-2025».
كما تعهدت الوزارة بـ«توقيع اتفاقيات مع المؤسسات الصيدلانية والمؤسسات الصحية الوطنية والدولية من أجل السماح لطلبة الصيدلة بإكمال تدريبهم فيها». وعد آخر من الإدارة: نشر المرسوم المتعلق بوضعية المتدربين الداخليين والخارجيين ووضعية المقيمين ودفتر التحملات البيداغوجية قبل يناير 2025.
يشار إلى أن فرص التدريب في الصيدليات أو مختبرات علم الأحياء أو مختبرات تصنيع الأدوية خلال السنة السادسة حسب اختيار الطالب ابتداء من السنة الجامعية 2024-2025 كانت من بين مطالب الطلبة.
منح تعويضات مماثلة لتعويضات طلبة الطب
وردت مسألة التعويضات أيضا في المحضر الموقع. وأشارت الوثيقة إلى أن وسيط المملكة أوصي باعتماد التعويضات نفسه المقدمة لطلبة الطب، والتي تتراوح بين 1200 و2400 درهم، «مع الأخذ بعين الاعتبار واقع التداريب لطلبة الصيدلة».
وفي ما يتعلق بالدكتوراه، قررت الوزارة منح مدة أقصاها ثلاثة أشهر لتسجيل الأطروحة والمناقشة «دون تحديد عدد الحالات المدروسة في الجزء التحليلي من الأطروحة»، وأعلنت عن «إنشاء منصة رقمية مخصصة لتدبير موضوعات الأطروحات» على مستوى كليتي الطب والصيدلة اعتبارا من بداية العام الدراسي 2024-2025.
وإذا قرر طلبة الصيدلة العودة إلى قاعات المحاضرات والمختبرات، فليس هذا هو الحال بالنسبة لزملائهم في شعبة الطب الذين رفضوا عرض الوزارة وما زالوا متمسكين بمواقفهم. وفي تصريح هاتفي لـLe360، أكد مصدر في اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة أنهم مستمرون في مقاطعة الدروس والامتحانات، لأن وزارة التعليم العالي لم تستجب بعد بشكل إيجابي لمطلبهم الرئيسي وهو الحفاظ على السنة السابعة.
وأضاف قائلا: «نطالب برفع العقوبات التأديبية، سيما الأصفار الممنوحة للطلبة الذين قاطعوا الامتحانات، من خلال نشر النقط الرسمية من قبل الإدارة، وكذلك إعادة تفعيل المكاتب الطلابية التي تم حلها».
وتأتي هذه المستجدات بعدما كان طلبة الطب والصيدلة بوجدة قد اعتصموا، أمام مقر الكلية، مساء الأربعاء 18 شتنبر 2024، لمدة 12 ساعة، وذلك احتجاجا على ما اعتبروه «الآذان الصماء لوزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي».
وردد الطلبة شعارات احتجاجية على الوضع الذي آل إليه ملفهم، بعد 10 أشهر من تفجر الأزمة، على إثر «الإصلاح البيداغوجي» الذي أعلنت عنه الوزارة الوصية، إذ فشلت جميع المحاولات في تقريب وجهات النظر بين الطلبة والوزارة، وآخرها وساطة اللجنة البرلمانية.
طلبة وجدة يخوضون اعتصاما لمدة 12 ساعة. محمد شلاي
وقبلها، احتج عشرات طلبة الطب والصيدلة، السبت 7 شتنبر 2024، بجوار كلية الطب والصيدلة، وسط مدينة الدار البيضاء، وذلك بعد يومين من مقاطعتهم امتحانات استدراك الدورة الخريفية للموسم الجامعي 2023-2024.
أجواء كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء في أول أيام امتحانات 5 شتنبر
وهكذا، عبّر طلبة الطب والصيدلة عن استيائهم من استمرار الأزمة، متخوّفين من السيناريوهات المُهدّدة بـ«ضياع» الموسم الجامعي، ومُردّدين شعارات من قبيل: «نُساق نحو سنة بيضاء.. ترى من المسؤول»، و«جودة التكوين الطبي وصحة المواطن المغربي وَجْهان لعملة واحدة»، و«جودة التكوين الطبي خط أحمر»...
طلبة الطب والصيدلة يحتجّون بالدار البيضاء. عبد الرحيم الطاهيري
وكانت الشرارة الأولى لهذه الأزمة قد اندلعت بإعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار خطتها لـ«إصلاح التكوين الطبي مع اعتماد هيكلة بيداغوجية جديدة»، والتي تضمنت تقليص مدة التكوين من سبع إلى ست سنوات، وهو الأمر الذي رفضه الطلبة، مطالبين بـ«إعفاء الدفعات الخمس الحالية من هذا القرار وتطبيقه على الطلبة الجدد فقط. الشيء الذي رفضته الوزارة بشكل قطعي».