كليات الطب: «الاستدراكية» أم «سنة بيضاء»؟ آخر مستجدات أزمة الوزارة والطلبة

أزمة كليات الطب.. طلبة يحتجّون بمراكش ويُلوّحون بتهديد «سنة بيضاء»

في 18/07/2024 على الساعة 17:09

ترقب وانتظار يسودان الأوساط الأكاديمية في المغرب، قبل أيام قليلة تفصلنا عن تاريخ انطلاق الدورة الاستدراكية لطلبة الطب التي كان من المقرر أن تنطلق في 22 من يوليوز الجاري، في وقت لم تتوصل في وزارة ميراوي بعد لاتفاق مع الطلبة لانقاذ السنة الدراسية.

مازال شبح «السنة البيضاء» يخيم على كليات الطب والصيدلة بالمغرب، فبعد مقاطعة شبه كلية للامتحانات النهائية بمختلف ربوع المملكة، مازال طلبة الطب متشبثون بقرار المقاطعة طالما لم تستجب الوزارة لمطالبهم كاملة. في وقت يتزايد فيه الضغط على وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار عبد اللطيف ميراوي، للوصول إلى اتفاق يُمكّن من «إنقاذ» السنة الجامعية.

سنة بيضاء

مصدر من اللجنة الوطنية لطلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب، أكد، في تصريح هاتفي لـLe360، أن «سيناريو السنة البيضاء أصبح واردا لا محالة».

ولحدود الساعة، ووفق ما أكده المصدر ذاته، مازال الطلبة متشبثون بقرار مقاطعة الامتحانات الاستدراكية إلى حين الاستجابة لمطالبهم، «الرأي يبقى رأي الطلبة هل يقاطعون أم لا وليس للجنة التي تلعب دور إيصال الرسالة فقط، لكن التصويتات الحالية لمقاطعة الدورة الاستدراكية والتي نظمها الطلبة عبر مجموعاتهم الخاصة تجاوزت نسبة 95%».

وأوضح مصدرنا أنه «بعد مقاطعة امتحانات الفصل الأول والفصل الثاني من طرف الطلبة ولكون شهر غشت عطلة إدارية، فيمكن أن تتفاقم الأزمة إلى شهر شتنبر، شاملة بذلك دورتين عاديتين للامتحانات إضافة إلى الدورتين الاستدراكيتين التابعة لهما».

وتابع: «لتدارك الوضع حسب الطلبة وكي لا تكون هنالك مقاطعة أخرى للامتحانات، لابد من احترام شروط اجتياز الامتحانات في كلا الفصلين، وكما يعلم الجميع أن الدورة العادية ابتدأت في 26 يونيو وستنتهي الدورة الاستدراكية في 30 يوليوز يعني أن الدورة الواحدة تكلف شهرا على الأقل كأقل تقدير، وبين كلا الفصلين لابد من ترك مدة أربعة أسابيع للاستعداد للفصل الثاني من الامتحانات، وهو ما يعطينا في النهاية ثلاثة أشهر كاملة يجب على الوزارة توفيرها لضمان اجتياز الامتحانات في ظروف يقبلها الطلبة وهو الأمر الذي جعلنا في النهاية نقول إن سيناريو سنة بيضاء واردا لا محالة إلى حين ثبوت العكس».

السبيل الوحيد لإنقاذ السنة الجامعية

السبيل لحل الأزمة، يضيف المتحدث، هو «الاستعجال في قبول المطلب الرئيسي للطلبة المتمثل في إعفاء الدفعات الخمس الحالية من قرار تقليص سنوات الدراسة و الاكتفاء بتطبيقه بداية من العام المقبل بعد هيكلة النضام الجديد 4+2، إضافة إلى إلغاء التوقيفات في حق ممثلي الطلبة وإلغاء نقطة الصفر وضمان اجتياز الامتحانات بكلا الدورتين العادية والاستدراكية في كلا الفصلين»

وبرر المتحدث تشبتهم بقرار إعفاء الدفعات الخمس الحالية من قرار تقليص سنوات الدراسة، بكون «هذه الدفعات ستحصل على دبلوم مشوه على خلاف زملائهم الذين لم يطبق عليهم القرار وكذا دفعة العام المقبل التي ستتوفر على هيكلة جديدة سيتم العمل بها ابتداء من العام المقبل»، مشيرا إلى أن «الطلبة الحاليون يرفضون أداء مهمة كبش الفداء والانصياع لقرار مستعجل طبق عليهم بشكل مفاجئ دون أي هيكلة مسبقة».

وعن تأثير «السنة البيضاء» على الطلبة أو على المنظومة الصحية خصوصا في ظل الخصاص الذي يعرفه القطاع في الأطر الطبية، يقول المتحدث: «سنة بيضاء لن تأثر سلبا على الطلبة بقدر ما ستأثر سلبا على الحكومة التي تضع ميزانية سنوية باهضة في تكوين الأطباء علاوة على وجود دفعات جديدة للطلبة تقدر بالآلاف وشلل في تكوين دفعة السنة السادسة العام المقبل أي الغمار بدفعة كاملة من الأطباء في كل كلية».

وعود الوزير «غير كافية»

وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، في آخر تصريح له حول الموضوع، قال إن الحكومة «استجابت لمطالب طلبة كليات الطب والصيدلة وبددت كل مخاوفهم المتعلقة بالدراسة والتدريب».

وأكد ميراوي أن الحكومة «تعهدت بتحقيق عدد من المطالب، شرط اجتياز الامتحانات واستعادة السير العادي للكليات»، مشيرا الى أن الأمر يتعلق بـ«إعادة البت في العقوبات التأديبية مع السماح للطلبة الموقوفين باجتياز الامتحانات، وتعديل بيانات النقاط وتعويض نقطة الصفر، التي منحت للمتغيبين خلال الدورة الأولى، وإمكانية استكمال التكوين بعد النجاح في الامتحانات، مع برمجة التداريب الاستشفائية من أجل استدراك فترات الانقطاع عن الدراسة انطلاقا من الموسم الجامعي المقبل، مع الحرص على استكمال جميع التداريب بمدتها الزمنية الكاملة».

وفي تصريح هاتفي لـLe360، قال الوزير: «أدعو الطلبة إلى إنقاذ العام من خلال استكمال الدورات الاستدراكية المقررة يومي 22 يوليوز وأيضا في شتنبر»، «دعونا ننقذ العام أولاً، ثم سننظر في مسألة إلغاء الإجراءات التأديبية».

وعود الوزير، «غير كافية» بالنسبة للطلبة، فوفق تعبيرهم «لا تراجع عن موقفهم دون الوقيع على محضر اتفاق يتضمن جميع مطالبهم».

وتعليقا على تصريحات الوزير، قال عضو اللجنة الوطنية لطلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب: «تصريحات وزير التعليم العالي قد اعتادت أذاننا سماعها بين الفينة والأخرى والتي تتضمن الأقاويل نفسها في كل مرة، مفادها دعوة الطلبة للرجوع إلى الدراسة دون توقيع أي محضر اتفاق!».

وتابع المتحدث: «هو (في إشارة للوزير) يعتبر أن كلامه يعتبر توقيعا ووعدا وهو ما رفضه الطلبة الذين بدورهم يرددون شعار «لا ثقة إلا في الوثيقة»، عملا بقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إذا تداينتم بدين إلى أجل مسمى فاكتبوه وليكتب بينكم كاتب بالعدل ولا يأب كاتب أن يكتب كما علمه الله فليكتب وليملل الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا».

واختتم حديثه بالقول: «نحمل المسؤولية لكل من يسهر على القطاع بكامله وهم من يحملون مسؤولية السنة البيضاء أما الطلبة الذين صمدوا لأزيد من سبعة أشهر في إضراب عن التداريب والدروس والامتحانات دون فشل أو انكسار لمسلسلهم النضالي لن ترعبهم السنة البيضاء في سبيل ضمان جودة تكوين مسارها سبع سنوات».

يذكر أن عددا كبيرا من طلبة الطب والصيدلة، قد تخلفوا عن اجتياز امتحانات الأسدس الثاني للسنة الجامعية الحالية، التي كانت وزارة التعليم العالي قد برمجتها لتنطلق ابتداءً من اليوم الأربعاء 26 يونيو 2024.

وبلغة الأرقام، تجاوزت نسبة مقاطة الامتحانات 90% وفق ما أكدته اللجنة الوطنية لطلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب.

وقالت اللجنة إن هذه النسبة، التي بلغت 94% بجميع كليات الطب والصيدلة العمومية بالمغرب، صدرت بناء على نتائج الجموع العامة التقريرية والتصويت الوطني، كـ«تأييد للإرادة الطلابية القاضية بالاستمرار في المقاطعة، ردا على مجموع القرارات التعسفية التي لم يتم التراجع عنها ومواصلة الابتزاز عن طريقها».

وبينما يأمل الجميع في التوصل إلى حل سريع، يبقى الوضع على حاله وسط ترقب وانتظار لما ستسفر عنه الأيام القادمة من مفاوضات وحوار بين الطرفين.

تحرير من طرف فاطمة الزهراء العوني
في 18/07/2024 على الساعة 17:09