وعبّر مواطنون، في تصريحات متفرقة لـLe360، عن استيائهم من استمرار أزمة النقل الحضري، مؤكدين أن الوضعية طالت لسنوات دون أن تترجم الوعود المتكررة إلى حلول ملموسة على أرض الواقع، وأجمع المتحدثون على أن الدخول المدرسي والجامعي، الذي يفترض أن يشهد تعزيز خدمات النقل، يواجه هذه السنة الإشكالات نفسها، ما يثقل كاهل الأسر ويقيد حركة الطلبة والتلاميذ في تنقلاتهم اليومية.
و في هذا السياق، أوضح عبد الحق الحضرامي، متتبع للشأن المحلي بفاس، أن هذا المشكل لا يستثني أي فئة عمرية، مشيرا إلى أن الكثير من الطلبة يضطرون إلى الانقطاع عن الدراسة بسبب غياب حافلات كافية تربط أحياء المدينة بمؤسساتهم التعليمية أو الجامعية، مضيفا أن الأسطول الحالي المتهالك، يتسبب في حوادث متكررة ولا يتجاوز عدده بضع حافلات معدودة، وهو ما جعل فاس التي كانت يوما مضرب المثل وطنيا في جودة النقل الحضري، تتحول إلى نقطة سوداء في هذا المجال.
ومن جهته، أفاد عبد الهادي النقابي، فاعل جمعوي، في تصريح لـLe360، إن ملف النقل كان حاضرا بقوة في البرامج الانتخابية للتحالف المسير لجماعة فاس خلال استحقاقات 2021، حيث قدمت وعود صريحة بتحسين هذا المرفق الحيوي وتجديد أسطوله، غير أنه، وبعد مرور أزيد من خمس سنوات، لا يزال الملف عالقا، رغم تعهد العمدة بتوفير أسطول جديد مع بداية كل موسم دراسي، وهو ما لم يتحقق إلى حدود الساعة.
وأضاف المتحدث أن العديد من المواطنين والطلبة ما زالوا يعيشون معاناة يومية مع غياب الحافلات، مشيرا إلى أن المدينة استقبلت مؤخرا عددا من الحافلات قادمة من الدار البيضاء لتدبير هذه المرحلة الانتقالية، غير أنها لم تستعمل بعد، في وقت تطالب فيه الساكنة جماعة فاس بالإسراع في تشغيلها لتخفيف أزمة خانقة طال أمدها.
ومن جانبه، أوضح علي لقصب، عضو بجماعة فاس، أن استمرار أزمة النقل الحضري يهدد بشكل مباشر تنقل التلاميذ والطلبة مع بداية الموسم الدراسي والجامعي، كما يعرقل حركة العمال والموظفين نحو مقرات عملهم. وأضاف أن الساكنة تنتظر منذ سنة 2012 خدمة نقل حضري في المستوى المطلوب، غير أن المنتخبين المتعاقبين فشلوا في إيجاد حلول عملية لملف حيوي يمس الحياة اليومية للفاسيين.
وأشار لقصب إلى أن الحافلات تمر بوتيرة ضعيفة لا تتجاوز أحيانا حافلة واحدة كل ساعة، في وقت ألغيت فيه معظم الخطوط التي كانت تصل أحياء عديدة بمركز المدينة، ما دفع السكان إلى الاعتماد بشكل متزايد على سيارات الأجرة رغم ما تشكله من أعباء مالية إضافية. ولم تتوقف الأزمة عند هذا الحد، بل تجاوزته إلى حوادث وحرائق متكررة نتيجة الحالة الميكانيكية المتهالكة للحافلات، ما زاد من مخاوف المواطنين حول شروط السلامة.
وانتقد المتحدث طريقة تدبير الملف خلال السنوات الماضية، معتبرا أنها اتسمت بالتهاون والعجز عن فرض بنود دفاتر التحملات على الشركة السابقة، قبل الدخول في مساطر التحكيم التي انتهت بفسخ العقد معها وإعداد دفتر تحملات جديد لشركة أخرى لم يظهر أثرها بعد على أرض الواقع، مؤكدا أن الوضع الحالي لا يكشف عن أي مؤشرات لحلحلة الملف أو اعتماد الجماعة لاستراتيجية تواصلية واضحة تطمئن الساكنة حول مستقبل النقل الحضري بفاس.
وشدد لقصب على ضرورة أن ينكب مجلس جماعة فاس، بمختلف مكوناته، على إيجاد حلول واقعية تنهي هذه الأزمة، لأن المواطن يظل المتضرر الأول والأخير، داعيا إلى الإعلان عن إجراءات عاجلة وملموسة قادرة على توفير خدمة نقل تحفظ كرامة الساكنة وتستجيب لانتظاراتها.
جدير بالذكر أن مجلس جماعة فاس كان قد صادق، خلال دورة فبراير 2025، على إسقاط شركة «سيتي باص» من تدبير مرفق النقل الحضري، بعد سنوات من الجدل بسبب إخلالها ببنود دفتر التحملات، خصوصا ما يتعلق بضعف الأسطول وتهالك الحافلات وغياب شروط الراحة والولوجيات، وقد فتح هذا القرار الباب أمام مرحلة انتقالية وصفت بالصعبة، انعكست بشكل مباشر على الحياة اليومية للساكنة التي ازدادت معاناتها مع غياب بدائل فعّالة.
وفي المقابل، تسعى الجماعة، بدعم من وزارة الداخلية، إلى إطلاق مشروع طموح لتجديد شبكة النقل العمومي، يقوم على اقتناء 261 حافلة حديثة يجري تصنيعها حاليا في الصين، ينتظر دخولها الخدمة نهاية العام الجاري، ويراهن المشروع على تعزيز العرض وتحسين جودة الخدمات، وذلك في أفق الاستعداد لاحتضان تظاهرات رياضية كبرى مثل كأس إفريقيا للأمم 2025 و كأس العالم 2030.
غير أن غياب معطيات دقيقة حول آجال تنفيذ المشاريع يثير قلق الساكنة التي تتساءل عن مصير تنقلاتها اليومية، حيث أصبح تحسين النقل الحضري بفاس ضرورة ملحة تفرضها التحولات الاقتصادية والاجتماعية والرهانات الوطنية والدولية التي تستعد لها المدينة، والتي تتفاقم مع كل دخول مدرسي وجامعي.




