فهذه الفضاءات التي أحدثت لتكون متنفسا للعائلات وملاذا آمنا للأطفال، باتت اليوم تعاني ضعف الصيانة وغياب التجهيز، فيما تعرضت مساحات اللعب والمقاعد لسرقات وتخريب شبه كامل، ما أفقد هذه المرافق دورها الاجتماعي وأثار استياء الساكنة من تراجع جودتها داخل المدينة.
ورغم الاستثمارات التي رصدت خلال السنوات الماضية لإحداث حدائق جديدة وتأهيل أخرى، فإن جزءً كبيرا منها يشهد اليوم تقادما سريعا لا يتناسب مع حداثة إنجازها، بسبب غياب المراقبة والحراسة وضعف الصيانة، فضلا عن ندرة المتنفسات الخضراء وغياب البدائل، خاصة في الأحياء ذات الكثافة السكانية المرتفعة.
وفي ظل هذا الوضع، أكد عدد من المواطنين، في تصريحات متفرقة لـLe360، أن هذه الفضاءات فقدت جاذبيتها ووظيفتها، بعدما أصبحت غير صالحة لاستقبال الأطفال والعائلات، معتبرين أنها «لم تعمر سوى أشهرا قبل أن تتحول إلى خراب»، وهو مؤشر واضح على غياب رؤية حضرية متكاملة في تدبير الفضاءات العمومية.
واستحضر المتحدثون، ما وقع بحديقة «الأندلس» بواد فاس، حيث وجد الأطفال أنفسهم محرومين من اللعب بسبب التلف الذي طال تجهيزاتها، إضافة إلى الأعطاب التي مست معدات الرياضة بمنتزه «ملعب الخيل»، مؤكدين أن تدهور الوضع في عدد من الفضاءات الأخرى أساء لصورة بعض الحدائق التي تعد رمزية داخل المدينة، مثل حديقة «لالة مريم» وحديقة «الريكس»، والتي باتت هي الأخرى تعاني مظاهر واضحة من الإهمال.
من جانبه، أوضح عبد الحق الحضرامي، مهتم بالشأن البيئي بمدينة فاس، أن هذا التراجع يعكس إهمالا متزايدا للمرافق العامة، خاصة مع اقتراب المدينة من استضافة فعاليات رياضية كبرى تستقطب أعدادا كبيرة من الزوار والسياح، معبرا عن استغرابه من عدم اتخاذ الجماعة إجراءات رادعة تجاه المتسببين في التخريب، أو على الأقل إطلاق برامج دورية للعناية بالمساحات الخضراء، للحفاظ على جاذبيتها كمتنفس حيوي، خصوصا مع اقتراب كأس إفريقيا.
وشدد المتحدث في السياق ذاته على الحاجة الملحة لتدخلات سريعة تشمل إعادة تأهيل هذه الفضاءات، وتعزيز برامج الصيانة والمراقبة المستمرة، مع إنشاء مرافق عمومية صالحة تلبي حاجيات الساكنة، بالإضافة إلى تفعيل دور الحراسة والتوعية المجتمعية للحفاظ على هذه المرافق الحيوية التي تمثل واجهة حضارية لمدينة فاس، مؤكدا أن الحفاظ عليها ليس ترفا، بل ضرورة بيئية واجتماعية ملحة.
ويبقى الرهان، وفق العديد من المتتبعين، هو اعتماد مقاربة مستدامة تجعل من الحدائق والمساحات الخضراء بمدينة فاس مرافق حقيقية للترفيه، يجد فيها السكان متنفسا يحفظ كرامتهم ويستجيب لحقهم في بيئة حضرية سليمة، بعيدا عن الإهمال والتخريب والفوضى.




