عائشة، إحدى الأمهات القاطنات بمدينة فاس، تشعر بهذه المشاعر بشدة. بعد قضاء إجازتها الصيفية في إحدى المدن الساحلية، قررت العودة مع زوجها وطفلتها الوحيدة إلى منزلها من أجل الاستعداد للموسم الدراسي. تعبيراً عن تلك المشاعر المختلطة، تقول عائشة: «أشعر بالحماس والقلق في الوقت نفسه. ابنتي ستبدأ رحلتها التعليمية في القسم الأول الابتدائي، وهذا يثير فيّ مشاعر متضاربة. لقد شعرتُ بقلقها المستمر وآلام الرأس التي تنتابها عند ذكر المدرسة خلال الفترة الماضية».
مع اقتراب الموعد المحدد لبداية العام الدراسي (شتنبر)، بدأت عائشة تلاحظ التغييرات في سلوك ابنتها. تقول: «كنت قلقة من تأقلمها مع البيئة المدرسية ومع زملائها. يومها الأول في المدرسة كان مليئاً بالخوف، لم تجرؤ على التواصل مع زملائها وحتى مع أستاذها. لكن ما زاد من مخاوفي هو أن هذه المشاعر تظهر فقط في المدرسة».
تجربة عائشة ليست فريدة، حيث يشعر العديد من الآباء والأمهات بالقلق تجاه تجربة أبنائهم في المدرسة. هناء، وهي أم أخرى من مدينة الدار البيضاء، تعمل جاهدة لتفادي مشاكل مماثلة تجاه ابنها الذي سينضم للمدرسة لأول مرة. تشارك هناء قصتها وتقول: «قررت نقل ابني إلى مدرسة أخرى بعد أن لاحظت سلوكيات غريبة لديه في الفصل. لم يكن يتواصل مع أستاذه ويهمل واجباته. لقد شعرت بالإحباط حينها، ولهذا أنا الآن أبذل قصارى جهدي لمنع تكرار تلك التجربة مع ابني الصغير».
خبير يكشف الحل
يرى الخبير النفسي الدكتور خالد تسير أن التحضير النفسي للدراسة هو عامل أساسي لتحقيق النجاح الدراسي. ويشدد هذا الاختصاصي على أهمية دعم الآباء والأمهات لأبنائهم في هذه المرحلة. يقول: «يجب على الأبوين التحدث مع الأستاذ الجديد ومناقشة مخاوف الطفل. كما يمكنهم ترتيب لقاءات مع زملاء الفصل المستجدين لتعزيز الاندماج الاجتماعي. هذه الخطوات تساعد على تخفيف القلق والتوتر لدى الطفل في أول أيامه بالمدرسة».
تساهم الحوارات المستمرة مع الأطفال في تحسين الفهم لديهم للموقف. الدكتور تسير يشدد على أهمية الحوار معهم، قائلاً: «يجب أن يتحدث الأهل مع أبنائهم بشأن مخاوفهم واحتياجاتهم في الوقت الذي يحتاجون فيه للدعم. يساعد هذا الحوار على تخفيف التوتر وتوجيههم نحو التأقلم السلس مع المدرسة».
وبالتأكيد، يبقى الاستعداد النفسي الجيد أساسياً لنجاح الطلاب في مرحلتهم التعليمية. توجيه الأطفال بشكل إيجابي وتقديم الدعم المستمر من قبل الأهل يعزز من ثقتهم ويساهم في تخفيف الضغوط النفسية والاندماج الناجح في بيئة المدرسة.