سيدي المخفي في فاس.. ما قصة القبر الذي تحدّى الجرافات؟

قبر سيدي المخفي بحي بوجلود بفاس

في 02/05/2025 على الساعة 08:30

بالقرب من ساحة بوجلود التاريخية في قلب مدينة فاس، وعلى مرمى خطوات من شارع يعج بالحياة، ينتصب قبر وحيد وسط أرض فارغة كانت ذات يوم مقبرة جماعية تضم مئات القبور، شاهده يحمل اسما غامضا: « الولي الصالح سيدي المخفي ».

هذا القبر، الذي ظل صامدًا لعقود، يثير فضول المارة ويشعل خيال السكان والزوار، ويعيد إلى الواجهة تساؤلات قديمة عن سرّ وجوده في مكان كان في يوم من الأيام مقبرة جماعية تضم مئات الرفات، قبل أن تُزال قبورها وتُرحّل عظامها، ويبقى هو وحده شاهدا على ماضٍ دفنته المدينة.

تتشعب الروايات حول أصل هذا القبر، إلا أن الذاكرة الشفوية لساكنة فاس تجمع على رواية تعود إلى ستينيات القرن الماضي، حين صدر قرار بإخلاء مقبرة باب المحروق ونقل رفات الموتى إلى مواقع أخرى.

وعلى الرغم من استجابة العائلات وتنفيذ العملية بسلاسة، بقي قبر « سيدي المخفي » عصيا على الإزالة، إذ تقول شهادات محلية إن آلة الحفر (الطراكس) كانت تتعطل عن العمل كلما اقتربت من الضريح، في مشهد غريب أربك العمال وأثار دهشة المشرفين، ومنح المكان هالة من الغموض نسجت حولها القصص والأساطير.

في ظل غياب أي توثيق رسمي أو دليل تاريخي موثق، بقيت الحكايات المتناقلة هي المصدر الوحيد لفهم القبر الغامض. فهناك من يرى فيه مدفنًا لأحد أبناء ملاك الأرض، في حين يعتقد آخرون أنه ضريح لولي صالح ما زالت بعض النساء يترددن عليه لإشعال الشموع طلبًا لـ«بركته«، بينما يذهب فريق ثالث إلى نزع أي طابع قدسي عنه، معتبرين إياه مجرد شاهد على واقعة تاريخية عابرة لا أكثر.

وفي مشهد يعكس تداخل الماضي بالحاضر، تحوّل، في الآونة الأخيرة، الموقع الذي يحتضن القبر إلى مرآب عصري للسيارات، شُيّد بعناية دون المساس بالضريح أو تغيير موضعه. تَجاورٌ لافت بين رمزية دفينة وحاجة عمرانية معاصرة، جعل من قبر «سيدي المخفي» نقطة تقاطع بين الحكاية والأسطورة، ومَعلمًا استثنائيا يواصل إثارة التساؤلات حول هذا القبر الغامض في قلب العاصمة العلمية للمملكة.

تحرير من طرف يسرى جوال
في 02/05/2025 على الساعة 08:30