المهندسون المعماريون يشتكون من «البطالة المقنعة» ويطالبون الحكومة بتحديث القوانين

جانب من لقاء النقابة الوطنية للمهندسين المعماريين

في 07/11/2025 على الساعة 08:00

دعت النقابة الوطنية للمهندسين المعماريين بالقطاع الخاص إلى تحديث القوانين المنظمة للمهنة وتعزيز مكانة المهندس داخل المنظومة التنموية الوطنية، مؤكدة أن مهنة الهندسة المعمارية تعاني من اختلالات بنيوية تؤثر على استقرار المهندسين وجودة المشاريع، حيث لا تتجاوز نسبة 2% من المهندسين الذين يوقعون على 70% من المشاريع، في حين يعيش آلاف المهندسين الشباب «بطالة» أو «تهميشا مهنيا».

وأوضحت النقابة في بلاغ صحفي عقب تنظيمها مائدة مستديرة وطنية تحت شعار «مستقبل المغرب ودور الهندسة فيه»، أن اللقاء خصص لمناقشة الاختلالات التي تعرفها الممارسة الهندسية والمعمارية بالمغرب، مشيرة إلى أن خلاصات النقاشات سترفع إلى رئيس الحكومة والبرلمان في شكل مذكرة مهنية شاملة تتضمن مقترحات للإصلاح والتحديث.

استمرارية المكاتب الهندسية مهددة

وأكد البلاغ أن من بين أبرز الإشكالات التي تواجه المهندسين تأخر أداء المستحقات المالية، خصوصا في المشاريع العمومية، رغم إنجاز التصاميم والدراسات التقنية في الآجال المحددة، ما يؤدي إلى أزمات مالية متكررة تهدد استمرارية المكاتب الهندسية.

وأشارت النقابة إلى عدم احترام التسعيرة الرسمية المعتمدة في القطاع، وانتشار ظاهرة “الدومبينغ” أو خفض الأسعار بشكل مفرط يصل أحياناً إلى 40%، وهو ما يخلق منافسة غير متكافئة ويضعف القيمة المهنية والمعنوية للهندسة المعمارية.

كما سجل البلاغ تعقيد المساطر الإدارية في ميدان التعمير، وغياب تكوين مهني تطبيقي فعال بعد إلغاء إلزامية التدريب للحصول على رخصة المزاولة، ما أدى إلى تراجع الحس المهني لدى بعض الخريجين الجدد وظهور ممارسات غير مقبولة مثل “التوقيع الصوري” على التصاميم دون تتبع ميداني للمشاريع.

وأضاف المصدر ذاته، أن ضعف الشفافية داخل “الشباك الوحيد” بسبب تدخلات بعض المنتخبين والوسطاء، وعودة ممارسات الرشوة والوساطة، ساهم في تفاقم الوضع، مشيرا إلى أن بعض المسؤولين بالدار البيضاء قدموا استقالاتهم احتجاجا على غياب الحوار.

إطلاق ورش وطني لتجديد الإطار التشريعي للهندسة المعمارية

وخلصت النقاشات، بحسب البلاغ، إلى مجموعة من التوصيات العملية التي ستشكل قاعدة لمشروع مذكرة إصلاحية ترفع إلى الحكومة والبرلمان خلال الأسابيع المقبلة.

ومن أبرز هذه التوصيات تحديث القوانين المؤطرة للمهنة، خاصة النصوص الصادرة سنتي 1952 و1980 التي لم تعد تواكب التطور الحاصل في الممارسة المهنية، إلى جانب الدعوة إلى إطلاق ورش وطني لتجديد الإطار التشريعي للهندسة المعمارية بما ينسجم مع الدستور الجديد ومتطلبات الحكامة.

كما دعت النقابة إلى إصلاح مساطر التراخيص العمرانية باعتماد مسار مبسط للمشاريع الصغيرة، التي تمثل نحو 70% من الملفات، على أن يوقع عليها المعماري والمهندس ورئيس الجماعة دون المرور بالوكالات الحضرية، لتخفيف الضغط وتسريع وتيرة الاستثمار.

لا يمكن أن نبني مغرب الغد بقوانين الخمسينيات

ونقل البلاغ عن المهندس حسن المنجرة السعدي، رئيس النقابة الوطنية للمهندسين المعماريين، قوله إن هذه المائدة المستديرة لم تكن مجرد لقاء فكري، بل خطوة عملية نحو صياغة ميثاق إصلاحي للمهنة سيتم توجيهه إلى رئيس الحكومة والبرلمان قصد تفعيله تشريعيا وتنظيميا.

وأوضح أن المهندسين لا يطالبون بالامتيازات، بل بالإنصاف، وبإطار قانوني حديث يضمن الكرامة المهنية ويعزز الثقة في القطاع.

من جانبه، شدد المهندس علي جسوس، نائب الرئيس، على أن المهنة وصلت إلى مرحلة حرجة، قائلا: «لا يمكن أن نبني مغرب الغد بقوانين الخمسينيات»، مضيفا «آن الأوان لإطلاق إصلاح شامل يضع المهندس المغربي في صلب التنمية».

أما ممثل هيئة المهندسين المعماريين فأكد أن غياب التنسيق بين المؤسسات وتعدد الفاعلين يؤدي إلى ضياع الجهود، مشيرا إلى أن الحل يكمن في تكامل الأدوار بين النقابة والهيئة والحكومة لضمان إصلاح فعلي ومستدام.

وفي ختام اللقاء، دعا المشاركون إلى تعبئة مهنية ووطنية واسعة من أجل إنقاذ الهندسة المعمارية المغربية من أزمتها الحالية، معتبرين أن الإصلاح القانوني والمؤسساتي أصبح شرطا أساسيا لإعادة الاعتبار للمهنة، وضمان مساهمتها في تحقيق العدالة المجالية والتنمية المستدامة.

تحرير من طرف حمزة الضيفي / صحفي متدرب
في 07/11/2025 على الساعة 08:00