وفي كلّ سنة تعرف عين أسردون اكتظاظاً كبيراً من ناحية عدد الزوار، فهي لا تكتفي بساكنة بني ملال وإنّما تعرف نزوح مدن أخرى مثل خريبكة والفقيه بن صالح وأزيلال وغيرها من المناطق المجاورة لها داخل الجهة، بحكم ما يجدون في هذه المساحات الخضراء من متعة حقيقية تدفعهم إلى زيارتها يومياً والتردّد على فضاءاتها بكلّ ما تعرفه من مياه وتشكيلات نباتية مذهلة في عيون الزائر بمثابة أعمال فنية تنسجم مع طبيعة الفضاء العمومي الذي تنتمي إليه. وعلى مدار سنوات، حرصت الجهة المسؤول على تنظيم عين أسردون العناية بنباتها ومياهها وطرقها وممراتها والعمل على تأهيلها بشكل سنوي لتكون فضاءً سياحياً كبيراً مؤهّلاً لاحتضان الأجانب والمواطنين.
إنّ هذه المساحات الخضراء المنتشرة على طول عين أسردون، بقدر ما تعطي الراحة للعين وتُبهجها من الناحية البصرية، فإنّها تزيد من قيمتها على المستوى السياحي وتساهم تلقائياً في تغذية النشاط السياحي المحلي، سيما بالنسبة للتجار الصغار المتواجدين في جنبات المنتجع وعلى ضفاف السواقي. ونظراً للإقبال السياحي الكبير على هذا المنتجع، فإنّ الجهة تعمل سنوياً على تأهيل هذا الفضاء، بما يجعله يتلاءم مع خصوصية المدينة وقيمتها من الناحية التاريخية المتبدية من خلال « القصر » التاريخي الذي يقع في المرتفع ويُطلّ بشكل رئيسي على عين أسردون ويمنح بشكل آسر منظراً جميلاً مُطلاً على المدينة بكاملها.
تعطي عين أسردون مثالاً عن تكريس مفهوم السياحة الإيكولوجية التي تعتمد على ضرورة استثمار المساحات الخضراء وتوظيف مختلف النباتات النادرة ذات الصبغة التراثية والتي تُساهم في بناء صورة عن المدنية وتُظهر بعمق مؤهّلاتها الطبيعية وعمقها التاريخي. لقد غدت السياحة الإيكولوجية في السنوات الأخيرة، عنصراً أساسياً قوياً داخل المجال السياحي المغربي، لأنّها غدت تلعب دوراً في تنمية العديد من المدن والمناطق التي لا تتوفّر على مؤّهلات سياحية مثل البحر وغيرها، لكنّها تتوفّر على فضاءات طبيعية شاسعة تحولها إلى مختبر سياحي قابل لإنعاش السياحة المحلية عن طريق الموارد الطبيعية واستغلالها بشكل فعّال، بما يضمن لها قوّتها واستمراريتها في جذب السياح.
في هذا السياق يلعب المرشدون السياحيون دوراً كبيراً في رفع منسوب الوعي بقيمة هذه الموارد الطبيعية في ذهنية السائح بضرورة عدم إلحاق الأذى بهذه الموارد، باعتبارها تراثاً محلياً ينبغي المحافظة عليه وضمان استمراره. كما يُقدّم هؤلاء المرشدون السياحيون معرفة أصيلة بتاريخ المنطقة وذاكرتها، إذْ يكشفون للسياح تاريخ المدن وطبيعة الموارد الطبيعية وجماليات التشكيلات البصرية التي تُنظّم المساحات الخضراء بعين أسردون، هذا فضلاً عن عملية الإرشاد والتأطير للتلاميذ وحثّهم على ضرورة المحافظة الإرث التاريخي للمنطقة بشكل عام.