يسميها البعض بفاكهة الفقراء نظرا لسعرها الذي لم يكن يتجاوز 50 سنتيما، ويعتبرها البعض الآخر ثورة عالم التجميل إذ يعتبر زيتها من أغلى أنواع الزيوت عبر العالم نظرا لفوائده التجميلية. ففاكهة التين الشوكي من الفواكه التي تحضى بإقبال كبير من لدن المغاربة، لكن في السنوات الأخيرة عصفت بها حشرة غريبة، تظهر على شكل غبار أبيض متناثر على ألواحها، سرعان ما يتسبب في إفسادها.
ووفق ما وثقته كاميرا Le360، بضواحي مدينة الجديدو، فبعد سنوات عجاف، عادت الحياة لتدب من جديد في أحد الحقول التي كانت مصابة، وذلك بعد اتباع نظام خاص للمعالجة، يعتمد على عدد من المبيدات التي رخصتها وزارة الصحة.
بابتسامة متفائلة، يروي لنا ياسين عشير وهو فلاح من المنطقة، رحلة تغلبه على الحشرة القرمزية التي تسببت في اختفاء فاكهة التين الشوكي من المنطقة لسنوات، مؤكدا أن المبيدات التي تم اعتمادها وطريقة المعالجة كان لها وقع إيجابي في علاج حقول الصبار.
وأوضح المتحدث، بأن النباتات المقاومة للحشرة القرمزية التي وزعتها عليهم وزارة الفلاحة بدورها أعطت نتائج جيدة وهي الآن في طور النمو وتحتاج إلى حوالي 3 سنوات تقريبا كي تثمر.
حشرة غريبة ومرعبة
قبل تسع سنوات من اليوم وتحديدا سنة 2014، تفاجئ عدد من الفلاحين بمختلف ربوع المملكة بظهور شيء أبيض غريب داخله أحمر داكن، يتناثر مثل الغبار على ألواح الصبار يسمى «الحشرة القرمزية». هي حشرة قشرية تنتسر بسرعة عبر الحقول بفعل الرياح، وكل حقل تصله إلا وتتسبب في تدميره، لكونها تقتات على نبات الصبار حيث تمتص سوائله وتأكل أطرافه، ما يؤدي إلى جفافه وموته وقد تم الإبلاغ عنها لأول مرة بدوار سانية برجيج بإقليم سيدي بنور.
هذه الحشرة التي تصيب هذا النوع من النبات فقط، كبدت المزارعين خسائر مادية جسيمة، بعدما هجمت جحافيلها على عشرات الآلاف من الهكتارات، وأثرت سلبا على إنتاج فاكهة التين الشوكي التي انتقل سعرها من 50 سنتيما إلى 3 دراهم وأكثر وهو السعر الذي لم تصله من قبل ولم يكن ليخطر على بال أي مغربي، يؤكد لنا ياسين.
خطة طوارئ لمكافحة الحشرة القرمزية
بعد تشخيص هذه «الآفة»، وفي ظل غياب حلول معروفة لمنع انتشارها ووقف الدمار الذي سببته على المستويين الوطني والدولي، وضعت الوزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات خطة طوارئ رئيسية لمكافحة آفة الحشرة القرمزية سنة 2016.
وارتكزت هذه الأخيرة على البحث العلمي من أجل انتقاء أصناف مقاومة لهذه الحشرة، بالموازاة مع إجراءات المعالجة الكيميائية واقتلاع ودفن نباتات الصبار المصابة بالكامل.
المهمة التي أسندت للمعهد الوطني للبحث الزراعي بشراكة مع المكاتب الجهوية للاستثمار الفلاحي والمديريات الجهوية للفلاحة والمكتب الوطني للسلامة الصحية للمنتجات الغذائية والمكتب الوطني للاستشارة الفلاحية، خلصت إلى تحديد ثمانية أصناف من الصبار مقاومة للحشرة القرمزية من بين مجموعة أصناف تنتمي للمعهد الوطني للبحث الزراعي. ويتعلق الأمر بمرجانة وبلارة وكرامة وغالية وأنجاد والشراطية وأقرية وملك الزهر.
وبعد التحقق من ثبات مقاومتها، تم تسجيلها في الكتالوج الرسمي للأنواع والأصناف النباتية بالمغرب، وانطلقت عملية غرسها وتعميمها على الفلاحين في فصل الربيع من سنة 2021 في إطار الفلاحة التضامنية.