شهدت العديد من المدن المغربية في الآونة الأخيرة تنظيم وقفات احتجاجات عفوية أمام المؤسسات التعليمية من طرف تلاميذ رفقة أوليائهم يطالبون من خلالها بالتعجيل بحل التوتر القائم بين الأساتذة والحكومة، وذلك لتفادي هدر المزيد من الزمن المدرسي.
ورفع الآباء والتلاميذ لافتات تستنكر ما اعتبروه هدر الزمن الدراسي لأبنائهم، ومنهم من هو مقبل على الامتحانات الإشهادية وعلى رأسها البكالوريا، وقال المحتجون إن الأسر الفقيرة والهشة هي المستهدفة من هذا الوضع، لأن أبناءها هم الذين يدرسون بالمدارس العمومية، بسبب عدم القدرة على تغطية مصاريف المدارس الخصوصية، في حين أن تلاميذ هذه الأخيرة يدرسون بشكل طبيعي، وهو ما اعتبروه استهدافا للمدرسة العمومية وضربا لمبدأ تكافؤ الفرص.
بدورها نظمت الفيدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ لقاءات سجلت فيها الضرر الكبير للتلاميذ، جراء ما تعرفه الساحة التعليمية، معربة عن تخوف الأسر من سنة بيضاء، ومن التعثر في النتائج، ومن تراجع مستوى التعلمات، حيث أكدت الفيدرالية أن « المؤسسات فارغة من التلاميذ وأكثرهم بالشارع العام وهذا يشكل وصمة عار ».
كما دعت الفدرالية القوى الحية وكل المتدخلين إلى العمل على حلحلة هذا الوضع، لضمان استقرار التلاميذ ولتعود الحياة الطبيعية إلى المدارس، كما شددت على أن وزارة التربية الوطنية مطالبة بتعويض الساعات المهدورة، مؤكدة أن التلاميذ لم يتلقوا ولو درسا واحدا في بعض المواد.
وقالت الفيدرالية إن 12 ألف مدرسة معطلة، و250 ألف أستاذ مضرب، و600 مليون ساعة دراسية ضاعت، و7 ملايين تلميذ معنيون بهذا الوضع المتردي، والذي ينبغي التدخل اليوم لوقفه وعودة الاستقرار والحياة إلى مؤسسات التعليم العمومي إسوة بالمدارس الخصوصية.
بين كماشة التعليم الخصوصي
كشفت مصادر من فدرالية التعليم الخاص أن بعض مؤسسات التعليم الخصوصي تلقت عشرات طلبات التسجيل لتلاميذ قادمين من التعليم العمومي، على خلفية انسداد أفق الأزمة المتواصلة بقطاع التعليم بعد إصدار النظام الأساسي نهاية شتنبر الماضي.
وأوضحت المصادر ذاتها أن بعض المؤسسات وجدت نفسها عاجزة عن الاستجابة لطلبات استيعاب تلاميذ جدد، بفعل كثرة الطلبات الوافدة إليها ومحدودية طاقتها الاستيعابية.
إقرأ أيضا : بالفيديو: إضرابات الأساتذة تهدر أزيد من 8 ملايين ساعة من الزمن المدرسي
من جانب آخر، كشفت معطيات خاصة أن بعض المؤسسات اغتنمت الفرصة لرفع أسعار التسجيل والرسوم الشهرية مستغلة حاجة الآباء لضمان مقعد دراسي بالتعليم الخصوصي، بينما اتهم الآباء، المتضررون من جحيم الأسعار الوزارة الوصية، بتقديم الأسر المسحوقة وجبة دسمة للوبي التعليم الخصوصي.
كما أدت الهجرة العكسية من التعليم العمومي إلى التعليم الخصوصي، إلى تسجيل اكتظاظ غير مسبوق خاصة ببعض المراكز الحضرية الكبرى، كطنجة، فاس والرباط والدار البيضاء وأكادير ومراكش.
وقد مكنت الإضرابات المستمرة المؤسسات الخاصة من استرجاع نسبة من التلاميذ الذين غادروا القطاع، خلال أزمة كورونا.
بنموسى: 80 ألف تلميذ غادر من العمومي إلى الخصوصي
كشف وزير التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، شكيب بنموسى أن إجمالي عدد التلاميذ في الأسلاك الثلاثة الوافدين من القطاع العمومي إلى القطاع الخصوصي برسم الموسم الجامعي 2022/2023 هو 80376 منهم 36532 تلميذة.
وسجل بنموسى، في جواب على سؤال كتابي لرئيس الفريق الحركي إدريس السنتيسي، انخفاضا نسبيا ناهز 17 % بين الموسمين الدراسيين 2022/2021 و2023/2022 حيث بلغ عدد هؤلاء التلاميذ 96418 منهم 44153 تلميذة برسم الموسم الدراسي 2022/2021.
بالمقابل كشف الوزير أن عدد التلاميذ والتلميذات الذين انتقلوا من القطاع الخصوصي إلى القطاع العمومي برسم الموسم الدراسي 2022/2023 بلغ ما مجموعه 61482 تلميذا وتلميذة منهم 27599 تلميذة، بزيادة حوالي 18% عن الموسم الدراسي السابق.
الدروس الخصوصية
علاقة بتداعيات الإضرابات ووضعية الاحتقان التي تعيشها المنظومة منذ أسابيع، أكدت مصادر أن مراكز الدعم تشهد حاليا، وخاصة خلال الفترات الليلية، تهافتا غير مسبوق للأسر من أجل تسجيل أبنائها للاستفادة من دروس الدعم والتقوية، في محاولة لتعويض الزمن المدرسي وفرص التحصيل التي ضاعت مع توالي الإضرابات بالفصول الدراسية العمومية.
وقد نتج عن هذا الإقبال الكبير، وفق المصادر نفسها، زيادات صاروخية في أثمنة ساعات الدعم الليلي الذي بات يشمل كل المواد والمستويات الدراسية، وليس المواد العلمية بالمستويات الإشهادية فقط، وقد أكدت المصادر ذاتها أن عدد التلاميذ في أقسام الدعم المؤدى عنه بمراكز مرخصة وأخرى «سرية» بلغ 40 تلميذا في القسم الواحد.