صورة قاتمة عن سلوك الركاب في الحافلات المغربية: تصرفات غير حضارية وفوضى يومية

حافلات النقل ألزا البيضاء أمام مقر جهة الدار البيضاء سطات

حافلات النقل ألزا البيضاء أمام مقر جهة الدار البيضاء سطات

في 06/10/2025 على الساعة 11:08

البصق، الشتم، الحديث بصوت مرتفع في الهاتف، الشجارات الحادة… مظاهر انعدام الذوق أصبحت مشهدا عاديا في وسائل النقل العمومي المغربية. الأرقام تؤكد ذلك، إذ كشف المركز المغربي للمواطنة أن أكثر من 60 في المئة من مستعملي النقل العمومي سبق أن شهدوا سلوكيات مخلة بالذوق العام من هذا النوع.

في ساعات الذروة، تتحول بعض الرحلات في الحافلات أو الترامواي إلى فوضى عارمة. ركاب يتدافعون لانتزاع مقعد، وآخرون يطرقون بقوة على الباب لإجبار السائق على التوقف، فيما يفرض البعض موسيقاهم الصاخبة على الجميع. ومع تكرار هذه الفوضى، ترتفع الأصوات وتتعالى الشتائم.

وأظهرت دراسة أنجزها المركز المغربي للمواطنة عبر شبكات التواصل الاجتماعي، بمشاركة 1173 شخصا، أن نحو ستة من كل عشرة ركاب يعيشون أو يلاحظون بانتظام هذا النوع من التجاوزات داخل وسائل النقل العمومي، ما يعكس مدى تفشي انعدام الذوق في الحياة اليومية.

أحيانا، يتخذ العنف اللفظي أبعادا صادمة. فاطمة، شابة في العشرين من عمرها، تحكي قائلة: «كانت الساعة تشير إلى السابعة صباحا. جلست قرب نافذة الحافلة ورفضت فتحها لأنني كنت مريضة وكان الجو باردا. أحد الركاب، وقد بدا عليه الغضب من الازدحام وقلة الهواء، نظر إليّ وقال بسخرية وعدوانية: “آه، مريضة؟ إذن موتي!».

التوتر قد ينشأ أيضا بسبب مواجهة مباشرة مع السائق. زينب، طالبة جامعية، تروي تجربتها: «كانت الحافلة مكتظة والجو خانق. وجدت مساحة صغيرة أقف فيها، لكن السائق أمرني بالتراجع إلى الخلف، حيث لا يوجد سوى رجال، مما كان سيعرضني للاحتكاك. رغم أنني شرحت له موقفي، أصر على أمره وهدد بإيقاف الحافلة. والأسوأ أن الركاب الآخرين بدأوا في إهانتي ومطالبتي بالتحرك. شعرت بالوحدة والعجز، ولم أجد سوى النزول باكية».

ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد. بعض الركاب يأكلون داخل الحافلة أو يلقون التذاكر والنفايات في أي مكان. وفي محطات الانطلاق، يتحول الصعود إلى الحافلة إلى سباق محموم، كل يريد أن يكون الأول ليظفر بمقعد. بعض الآباء يرسلون أبناءهم لحجز الأماكن مسبقا، وآخرون يدفعون الناس بعنف، فيما يدخل البعض الحافلة لحجز مقعد قبل أن يدفع ثمن التذكرة.

إن هذا الاحتكاك الإجباري يجعل التلامس الجسدي أمرا لا مفر منه، وغالبا ما يتحول إلى شجارات كلامية. التدافع أمر مألوف، خاصة عند الصعود إلى الحافلات، ما يتسبب أحيانا في سقوط الركاب أو انحصارهم في الأبواب الأوتوماتيكية، ويشتت تركيز السائق. وفي أسوأ الحالات، تزيد هذه الفوضى من خطر وقوع حوادث خطيرة تهدد سلامة الركاب وحركة السير على حد سواء.

وفي بلد يستعد لاستقبال العالم سنة 2030، تكشف هذه السلوكيات هشاشة الفضاء العام، حيث تُغَيَّبُ قواعد التعايش لصالح صراع محموم على المكان. ويبقى السؤال مطروحا: هل ستستمر هذه الممارسات، أم أن متطلبات السلامة والصورة الحضارية ستفرض تحولا حقيقيا في ثقافة التنقل داخل المدن المغربية؟

تحرير من طرف نجوى تارغي
في 06/10/2025 على الساعة 11:08