ككل سنة ومع اقتراب امتحانات البكالوريا، يعود موضوع محاربة الغش في الامتحانات المدرسية إلى الواجهة، فرغم المجهودات المبذولة لمحاربة هذه السلوكيات، إلا أنها آخذة في التطور سنة بعد سنة، فلم يعد الممتحنون الراغبون في الغش يلجأون إلى «تصغير» الدروس، بل أصبحوا يعتمدون أساليب وأجهزة إلكترونية متطورة.
مصدرها وأسعارها ثم طرق ترويجها
بمجرد النقر على زر البحث تظهر أمامك عشرات الإعلانات على مواقع التواصل الاجتماعي لبيع أجهزة غش متطورة تختلف أشكالها وأسعارها لكن الغرض منها واحد.
ووفق ما استقيناه من مصادر متطابقة، طلبت عدم الكشف عن هوياتها، فإن أجهزة «VIP» تُعدّ من أشهر أجهزة الغش التي تروج بالأسواق المغربية، ويبدأ سعرها من 300 درهم إلى 800 درهم حسب جودتها وسنة إصدارها، فمثلا آخر إصدار يزيد ثمنه عن إصدار 2019.
هذه الأجهزة، وحسب المصادر نفسها، يتم استيرادها من الخارج وتدخل إلى الأسواق المغربية بطرق غير مشروعة.
إقرأ أيضا : أمن مراكش يفكك شبكة متخصصة في ترويج أجهزة الغش في الامتحانات
وبخصوص طرق ترويجها، غالبا يتم بسرية تامة لأنها تجر مروجها ومستعملها للقضاء.
يقول «محمد»، وهو اسم مستعار لشاب طلب عدم الكشف عن هويته، وهو يشتغل بأحد أشهر أسواق بيع الهواتف ومستلزماتها بالدار البيضاء، (يقول) «إن الإقبال على أجهزة الغش الإلكترونية يتزايد خلال فترة امتحانات البكالوريا والامتحانات الجامعية».
وأوضح المتحدث بأن هذا النوع من الأجهزة لا يتم ترويجه بمحلات بيع وإصلاح الهواتف إلا في حالات قليلة لأن ذلك يشكل خطرا، لذا غالبا ما يقوم البائع بفتح حساب وهمي على موقع فيسبوك أو باستعمال حسابه الخاص وينشر إعلانات عبر «الماركيت بلايس» أو المجموعات الفيسبوكية الخاصة، وبعد توصله بطلب من أحد الزبناء يتم الاتفاق على السعر وطريقة التوصيل.
وتابع المصدر ذاته: «يتم شراؤها بالجملة من المواقع الصينية لكن يتم إدخالها بطرق غير مشروعة لأنها ممنوعة وقد تقود صاحبها إلى السجن».
إقرأ أيضا : ترويج أجهزة الغش في الامتحانات يوقع بثلاثيني في يد الأمن
مخاطرها
قد يترتب عن استعمال أجهزة الغش هاته أضرار عدة، منها صحية والتي قد تصيب الأذن بسبب وضع السماعة الصغيرة داخلها، ثم المتابعة القضائية والحرمان من اجتياز امتحانات البكالوريا لمدة معينة.
يقول «أمين»، وهو اسم مسعار لشاب عشريني قادته رغبته في الحصول على شهادة البكالوريا إلى اللجوء لأحد أساليب الغش التي تترتب عنها أضرار جسيمة، (يقول): «اجتزت امتحانات البكالوريا سنة 2018 ولم أتمكن من النجاح في الدورة العادية في الوقت الذي نجح فيه عدد من زملائي، وهو الشيء الذي دفعني إلى الاستعانة بـ«العدْسة»، وهو جهاز شهير للغش يُشبه حبة العدس، خلال الدورة الإستدراكية».
هذا السلوك، يضيف المتحدث، «للأسف لم ينفعني، فقد تم ضبطي من قبل الأستاذة المشرفة على الحراسة وتم توقيفي لمدة سنتين عن اجتياز امتحان البكالوريا. شعرت بندم شديد وخيبة أمل، فعِوض تكرار السنة، أضعت سنتين من مسيرتي الدراسية».
من جانبه: قال «هشام»: «اجتزت امتحانات البكالوريا سنة 2019، وبعدما شعرت بأنني غير متمكن من بعض دروس الرياضيات والفلسفة، قررت استعمال «العدْسة» لكنني كدت أن أفقد سمعي».
وتابع المتحدث: «بعدما اتفقت مع أحد أصدقائي الذي سيتكلف بإعطائي الأجوبة، ذهبت واشتريت الجهاز الذي كان آنذاك سعره 500 درهم، ثم جاء يوم الامتحان وكل شيء مرّ على ما يرام، لكن السماعة الصغيرة علقت في أذني وبعد عدة محاولات لإخراجها استعملت خلالها أدوات مختلفة أصبت بالتهاب حاد على مستوى الأذن فلجأت في الأخير إلى الطبيب الذي قام بإخراجها باستعمال ملقط دقيق ووصف لي بعض الأدوية للعلاج».
حملات أمنية
لمكافحة تهريب وترويج المعدات الإلكترونية التي تستعمل للغش في الامتحانات، كثفت مصالح الأمن الوطني عمليات المراقبة، عبر رصد وتتبع الإعلانات المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي، والتي تعرض أجهزة الغش للبيع.
هذه العمليات، وحسب معلومات رسمية صادرة عن المديرية العامة للأمن الوطني، مكنت من توقيف أزيد من 15 شخصا خلال شهر ماي الماضي، للاشتباه في تورطهم في حيازة وترويج أجهزة إلكترونية مهربة تستعمل لأغراض الغش في الامتحانات المدرسية.
فيما تم حجز أكثر من 220 جهازا إلكترونيا من نوع «VIP» وسماعات لاسلكية دقيقة خاصة بها، وما يقارب 400 بطارية شحن، ووحدات للاتصال اللاسلكي، ساعات يدوية ذكية، علاوة على مجموعة من الأكسسوارات الخاصة بالأجهزة المذكورة.