في حديثه مع Le360، أكد رضا أمحاسني، أخصائي علم النفس والمعالج النفسي، أن هناك اختلافا جوهريا بين المجتمعات الغربية والمغربية في تصور الزواج وأدواره.
وأضاف: « بينما ينظر للزواج في الغرب كاختيار شخصي يعتمد غالبا على الحب، فإنه في المغرب يرتبط بمفاهيم المسؤولية والدعم الاجتماعي، ويتأثر بالقيم الثقافية والدينية التي تجعل منه ضرورة اجتماعية واقتصادية أكثر من كونه اختيارا فرديا ».
دور الأسرة والعائلة الممتدة
من العوامل التي قد تساهم في تقليل الاكتئاب لدى الأفراد غير المتزوجين في المغرب هو وجود العائلة الممتدة. لكن هل مازالت العائلة تلعب نفس الدور كما في الماضي؟
أشار أمحاسني إلى أن الأسرة الممتدة، التي كانت عنصرا أساسيا في توفير الدعم العاطفي والاجتماعي، لم تعد بنفس القوة في المجتمع المغربي الحديث. ومع ذلك، يبقى العيش ضمن أسرة نووية أو قريبة مصدرا هاما للدعم والدفء العائلي، مما يخفف من شعور الوحدة، خصوصا لدى الأفراد غير المتزوجين. إلا أن هذا الدعم قد يتحول في بعض الأحيان إلى عائق أمام تحقيق الاستقلالية الشخصية.
لماذا يواجه الرجال العازبون تحديات نفسية أكبر؟
أظهرت الدراسة أن الرجال غير المتزوجين أكثر عرضة للاكتئاب مقارنة بالنساء. يوضح أمحاسني أن الأدوار الاجتماعية المرتبطة بالذكور في المغرب تجعلهم أقل قدرة على التعبير عن مشاعرهم أو طلب الدعم بشكل علني، مما يؤدي إلى تراكم الضغوط النفسية. في المقابل، تظهر النساء قدرة أكبر على التعبير عن مشاعرهن والبحث عن الدعم، مما يساهم في تخفيف وطأة الأعراض النفسية.
الاكتئاب والسلوكيات الخطرة
تعد عادات مثل التدخين وشرب الكحول من العوامل التي تزيد من خطر الاكتئاب، خاصة لدى الأفراد غير المتزوجين. وبهذا الخصوص، أشار أمحاسني قائلا: " قد تعتبر هذه العادات وسيلة للتخفيف من حدة الضغوط النفسية، لكنها في الوقت نفسه تساهم في تعزيز الاكتئاب على المدى الطويل ».
وأضاف: « يمكن أن تكون هذه العادات استجابة للاكتئاب، حيث يبدأ الشخص في تعاطي الكحول أو التدخين كوسيلة للهروب من مشاعر الوحدة أو الفشل العاطفي ».
التحديات الاجتماعية وتأثيرها على معدلات الاكتئاب في المغرب
وفي ختام حديثه، أكد أمحاسني أن نتائج الدراسات التي تربط بين الاكتئاب والحالة الاجتماعية قد تختلف في السياق المغربي، حيث يعاني كل من المتزوجين والعازبين من تحديات خاصة.
وأضاف: « بينما قد يعتقد البعض أن الزواج يخفف من وطأة الاكتئاب، فإنه قد يحمل أيضا أعباء مادية ونفسية وجنسية تساهم في زيادة مؤشر الاكتئاب. ومن جهة أخرى، فإن صعوبة بناء علاقات إنسانية حرة ومستقرة تزيد من تعقيد المعادلة ».
وختم أمحاسني تصريحه قائلا: « في النهاية، يبقى التحدي الأكبر هو توفير بيئة مجتمعية أكثر حرية وتقبلا، بحيث يتمكن الأفراد من بناء علاقات مستقرة ومريحة بعيدا عن الضغوط، مما يمكن أن يساعد في تقليص معدلات الاكتئاب بين مختلف الفئات ».