الخصاص في المقابر.. معاناة سكان الدار البيضاء تتعمق

DR

في 26/11/2023 على الساعة 13:45, تحديث بتاريخ 26/11/2023 على الساعة 13:45

في مدينة مليونية كالدار البيضاء، أصبح العثور على قبر لدفن الموتى أصعب من تملك شقة أو ما يطلق عليه العامة « قبر الحياة »، وذلك بسبب قلة الأراضي المعدة للمقابر، بسبب تزايد وتيرة الدفن التي تصل في بعض المقابر إلى 60 وفاة في اليوم.

دقت وزارة الداخلية ناقوس الخطر داعية الجماعات الترابية إلى الإسراع في توفير العقارات اللازمة لإحداث مقابر دفن المسلمين. جاء ذلك من خلال تقرير رسمي لوزارة الداخلية، أُحيل على البرلمان بمناسبة تقديم الميزانية الفرعية للوزارة في مشروع قانون المالية لسنة 2024.

وجاء في التقرير أن الجماعات الترابية تواجه صعوبات من أجل توفير العقارات اللازمة لإحداث مقابر دفن المسلمين. وحسب التقرير فقد رصدت الوزارة خلال الفترة ما بين شتنبر 2022 وغشت 2023، مبلغا يقدر بـ50.70 مليون درهم (5 مليارات و70 مليون سنتيم) لفائدة الجماعات من أجل اقتناء « قطع أرضية لتخصيصها كمقابر جماعية وبناء أسوار وقائية وتجهيز البوابات ».

ودعت الوزارة الجماعات الترابية إلى التكتل في إطار مؤسسات التعاون بين الجماعات لمواجهة الصعوبات التي تعترضها في هذا المجال، وخاصة من أجل توقير الوعاء العقاري اللازم لإحداث المقبرة وعقلنة الموارد المالية والبشرية المتاحة وتدبير وصيانة المقبرة، ورصد الاعتمادات اللازمة لتأهيل مقابرها (خاصة بالمجال الحضري)، والتي تتطلب التهيئة والصيانة بصفة مستمرة والعمل على حمايتها والمحافظة عليها بتعيين حراس دائمين واتخاذ قرارات تنظيمية تهم نمط تدبيرها.

أزمة مقابر بالدار البيضاء

تشير آخر الإحصائيات الواردة من مجلس مدينة الدار البيضاء إلى أن سكان العاصمة الاقتصادية للملكة سيعانون لمزيد من الوقت مع مشكلة المقابر، ذلك لأن مقبرة « الغفران » الشهيرة قد امتلأت عن آخرها، في الوقت الذي تخضع فيه مقبرة « الرحمة » بجماعة دار بوعزة بإقليم النواصر لأشغال التهيئة.

ووجد منتخبو مجلس المدينة صعوبة كبيرة من أجل حل هذه المعضلة، حسب ما أكده أحمد بريجة، رئيس لجنة المرافق بجماعة الدار البيضاء، حيث تعذر عليهم حسبه العثور على وعاء عقاري لتجهيزه ليسد الخصاص الحاصل في المقابر.

وقال بريجة في تصريح صحفي إن « الطاقة الاستيعابية لمقبرة الغفران، المشيدة في ثمانينيات القرن الماضي، « لم تعد قادرة على استقبال مزيد من الوفيات؛ بالنظر إلى أن طاقتها الاستيعابية قد امتلأت بشكل كبير ».

وأمام استمرار هذا المشكل، بادر أحد المحسنين إلى وهب وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية قطعة أرضية بإقليم مديونة، مساحتها 118 هكتار، في سبيل تحويلها إلى مقبرة، حيث منحته الوزارة إلى مجلس المدينة من أجل هذا الغرض.

وقبل أيام، أعطيت بجماعة سيدي حجاج واد الحصار بإقليم مديونة، انطلاقة أشغال تهيئة مقبرة « الإحسان » التي ستعوض مقبرة الغفران بالدار البيضاء.

غير أن هذه الخطوة حسب مصدر من مجلس المدينة « لن تحل المشكل القائم، ذلك لأن مقبرة الإحسان لن تكون جاهزة قبل عام 2025″.

وسيتم العمل على مدى أشهر على تهيئة هذه المقبرة، وذلك من خلال إعداد ممرات بها، وتجهيزها بالإنارة العمومية ووضع مختلف التجهيزات التي من شأنها أن تصون حرمة الموتى.

وفي انتظار ذلك، يأمل سكان العاصمة الاقتصادية أن يتم التسريع بتهيئة المقبرة الجديدة بعدما امتلأت مقبرة الغفران عن آخرها.

وعبر كثير من البيضاويين، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، عن تذمرهم من الوضع الذي آلت إليه مقبرة الغفران في غياب أي اهتمام من طرف الجهات المختصة بالموتى وحرمتهم.

تبريرات الحكومة

وتشير أرقام الجمعية المغربية للتكافل الاجتماعي والحفاظ على حرمة المقابر إلى وجود نحو 3600 مقبرة في المغرب، وهو رقم ضعيف مقارنة مع عدد سكان المغرب الذي يقدر بنحو 40 مليون نسمة.

وكانت دراسة سابقة أعدتها وزارة الداخلية المغربية أفادت بأن 415 مقبرة بمساحة 600 هكتار وصلت إلى الحد الأقصى من طاقتها الاستيعابية، مما يعني أزمة في إيجاد مساحات عقارية لدفن الأعداد الكثيرة للموتى يومياً.

وسبق أن انتقلت أزمة المقابر إلى قبة البرلمان، إذ أثار كثير من النواب هذا الملف وتم طرحه على أنظار الحكومة والوزراء المعنيين، مطالبين بحلول مستعجلة، فيما اقترح آخرون تصورات للخروج من الأزمة.

وتعزو الحكومة المغربية أزمة امتلاء المقابر هذه إلى قلة المساحات العقارية المخصصة لدفن الموتى، وأيضاً إلى وجود « فراغ قانوني » في إحداث وتدبير المقابر، باعتبار أن « جميع الأراضي تكون في ملكية جهة أو شخص معين، ولا يمكن توفير المساحة المطلوبة لإنشاء المقابر».

وعلى رغم أن ملف المقابر وتدبيرها يوجد بين يدي الجماعات الترابية، وهي مؤسسات محلية تعنى بتدبير شؤون المدينة أو القرية، إلا أن وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية تجد نفسها « منخرطة » في هذا الملف بالنظر إلى الطابع « الروحي والديني » للمقابر.

وسبق لوزير الأوقاف أن عبر عن رأيه في شأن إيجاد حلول لمعضلة المساحات العقارية المخصصة لدفن الموتى، إذ قال إن الحل ليس استصدار فتوى دينية بهذا الخصوص، بل اعتماد الدفن بطريقة المقابر المتراكبة، لكن «المغاربة لا يزالون يرفضون هذه الطريقة »، وفق الوزير.

تحرير من طرف حفيظ الصادق
في 26/11/2023 على الساعة 13:45, تحديث بتاريخ 26/11/2023 على الساعة 13:45