وتناولت يومية « الصباح » في عددها الصادر يوم الأربعاء 12 نونبر الجاري، الجدل المتجدد مع كل دخول مدرسي بشأن التعليم بالمغرب، حيث يتجدد النقاش حول جدوى ومكانة المدرسة العمومية مقابل التعليم الخصوصي، حيث يبرز في هذا السياق تياران، الأول يدافع عن المدرسة العمومية باعتبارها فضاء يضمن المجانية ويكرس مبدأ تكافؤ الفرص أمام جميع المتعلمين، والثاني يرى في التعليم الخصوصي بديلا عصريا يوفر تعليما منفتحا على المناهج المعاصرة ومواكبا لمتطلبات سوق الشغل.
وأوضحت اليومية، أن حقيقة النقاش باتت تفرض على المتتبع والمهتم رؤية ومناقشة الموضوع من عدة زوايا تطبعها الموضوعية وتحكمها المصلحة العامة للتلميذ وولي أمره، إذ يرى هؤلاء أن الأمر تحول إلى صراع مكشوف بعدما كان خفيا بين القطبين، يتهم كل طرف الآخر بأوصاف ونعوت تختلف حسب رؤية ووجهة نظرهما.
وأفادت الجريدة أن مؤيدي التعليم العمومي يعتبرون أن التعليم الخصوصي ليس سوى وسيلة لاستنزاف جيوب أولياء الأمور، في حين يرى مناصرو التعليم الخصوصي أنه البديل القادر على توفير جودة أفضل وفرص أكبر للاندماج في سوق الشغل، مقابل تراجع أداء المدرسة العمومية خلال السنوات الأخيرة لأسباب متعددة.
بالمقابل، كشفت اليومية أن الهيئات النقابية ترى أن هناك حملة ممنهجة تستهدف التعليم العمومي، الذي يمثل الأغلبية العظمى للتلاميذ، من أجل إفراغه من حمولته الاجتماعية الضامنة للمجانية والعدالة الاجتماعية التي نظل مفتوحة أمام أبناء الشعب، وتسير في اتجاه سحب البساط من تحته خدمة للتعليم الخصوصي الذي يركز على الاستثمار في جهود الآباء وأولياء التلاميذ دون أن تأخذه رحمة أو رأفة بهم.
وتضيف جريدة « الصباح » أن عضو المكتب الوطني للنقابة الوطنية المنضوية تحت لواء الفيدرالية الديمقراطية للشغل، أكد أن العلاقة بين التعليم العمومي والخصوصي لم تعد علاقة تكامل أو منافسة شريفة، بل تحولت إلى صراع وجودي يحكمه « قانون البقاء للأقوى »، موضحا أن القوة هنا لا ترتبط بالجودة التربوية الفعلية، بل بسلطة رأس المال والنفوذ.
وأضاف المتحدث ذاته، حسب ما أفادته اليومية، أن التعليم العمومي تراجع تحت وطأة التهميش الممنهج وضعف التمويل وهشاشة التوظيف، مقابل ازدهار التعليم الخصوصي مدعوما بآلة تسويقية شرسة وارتباطات مصلحية مع مراكز النفوذ والمال، مشيرا إلى أنه تم إفراغ المدرسة العمومية من مضمونها لتصبح مستودعا للفئات المهمشة والفقيرة، بينما يحتكر أرباب التعليم الخصوصي موارد البلاد التربوية والبشرية، مكرسا انقساما طبقيا صارخا.
وأمام هذا الجذب والتسابق وجدت وزارة التربية الوطنية نفسها في موقع حرج، فرغم أنها تحاول التوفيق بين القطاعين، وإيجاد موازنة عقلانية بينهما، معتبرة التعليم العمومي ركيزة من ركائز الدولة والتعليم الخصوصي شريكا اجتماعيا يرمي إلى المساهمة في رفع جزء من التحديات الاجتماعية والاقتصادية، فإن الواقع المعيشي يقول غير ذلك.
