وكان في طليعة الناعين للبروفسور «رائد الجراحة» بالمغرب، الملك محمد السادس، الذي بعث ببرقية تعزية ومواساة لأسرة الفقيد، وصفه فيها بـ«الطبيب المرموق»، مشيدا بغيرته الشديدة على الارتقاء بالتكوين الأكاديمي والبحث العلمي، وبوفائه المكين للعرش العلوي المجيد.
وحملت البرقية الملكية عبارات تقدير بليغة تلخص مسيرة الراحل، حيث أكد الملك محمد السادس أن الفقيد كان «رائدا من رواد الجراحة الباطنية بالمغرب»، مشهودا له بـ «دماثة الخلق وبكفاءته العلمية».
كما أبرزت التعزية الملكية تلك «الغيرة الشديدة» التي كان يتحلى بها البروفسور التونسي تجاه الارتقاء بالتكوين الأكاديمي والبحث العلمي، مشددة على أن الراحل سخر كل جهوده لخدمة وطنه في تفان وإخلاص، معبرا عن «وفاء مكين للعرش العلوي المجيد».
مسيرة رائد ومنارة علم
تميز الفقيد بدماثة الخلق وبالتزام مهني نادر، حيث جمع بين الممارسة الميدانية والبحث العلمي الرصين.
بصم البروفسور التونسي على مسار مهني حافل في ردهات مستشفى ابن سينا بالرباط، حيث كان يلقب بـ«طبيب الشعب». ظل وفيا للمستشفى العمومي، مؤمنا بأن حق المواطن في العلاج أسمى من أي اعتبار آخر.
وتخرج على يديه البروفسور التونسي المئات من الجراحين الذين يقودون اليوم كبريات الأقسام الطبية، مما جعل منه مرجعا وطنيا ودوليا في مجال الجراحة الباطنية.
تقدير ملكي رفيع وإشعاع دولي واسع
لم تكن كفاءة البروفسور عبد القادر التونسي حبيسة أسوار كليات الطب، بل حظيت بتقدير استثنائي على أعلى المستويات؛ فقد خصه الملك الراحل الحسن الثاني بظهير شريف يمنحه امتياز الاستمرار في ممارسة مهامه الجراحية والأكاديمية دون التقيد بسن التقاعد، في التفاتة ملكية نادرة تعكس حجم الثقة في خبرته. كما توج مساره بوشاح وسام العرش من درجة قائد، تقديرا لخدماته الجليلة للوطن.
وعلى المستوى الدولي، فرض الراحل نفسه مرجعا علميا في المحافل الطبية العالمية، حيث نال جائزة المعهد الفرنسي لعلوم الصحة سنة 1989، وظل صوته مسموعا في المؤتمرات الدولية كخبير في الجراحة الباطنية، مما جعل منه سفيرا فوق العادة للمدرسة الطبية المغربية في الخارج.
وداعا «جراح الأجيال»
يغادرنا عبد القادر التونسي جسدا، لكنه يبقى حيا في وجدان تلامذته وفي سجلات الطب المغربي كواحد من البناة الأوائل.
رحل الرجل الذي آثر البقاء في الظل لخدمة الفئات المعوزة، تاركا خلفه مدرسة أخلاقية وعلمية ستظل تنهل منها الأجيال القادمة معنى الوفاء للمهنة والوطن.



