وأوردت يومية « الأخبار » في عددها ليوم الأربعاء 25 يونيو 2025، أن الملف الذي حُسم ابتدائيا بمحكمة الرباط ينتظر أن ينطلق شوطه الثاني من المحاكمة المثيرة التي شهدتها مرافعات تاريخية، أبرزها مرافعة نقيب المحامين بهيئة الرباط الذي واجه زميلته ضمن الهيئة نفسها بصرامة استثنائية بعد تورطها في تزعم شبكة تضم أطباء وسماسرة تخصصت في احتكار مئات الملفات الخاصة بحوادث السير عبر طرق تدليسية وغير قانونية وفق معطيات الملف.
وأضافت الجريدة أن قاضي التحقيق لدى المحكمة الابتدائية بالرباط كان قد قرر في مارس الماضي، إيداع محامية من هيئة الرباط رفقة ثلاثة أشخاص آخرين، وهم كاتبة محام ووسيطان سجن العرجات بسلا، من أجل متابعتهم في حالة اعتقال، فيما قرر متابعة ثلاثة متهمين آخرين بينهم طبيبان وعنصر ينتمي لجهاز الوقاية المدنية في حالة سراح.
المتهمون السبعة الذين أحالهم وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالرباط على قاضي التحقيق بعد مواجهتهم بتهمة تكوين عصابة إجرامية متخصصة في إصدار شهادات طبية تتضمن معطيات غير صحيحة لضمها في ملفات متعلقة بالتعويض عن حوادث السير والوساطة، تقول الصحيفة، كانوا موضوع أبحاث سرية أشرفت عليها مصالح المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، قبل أن تدخل الفرقة الوطنية للشرطة القضائية على الخط بتوجيه من النيابة العامة المختصة.
وكشفت التحريات الأولية عن أن الأمر يتعلق بعصابة إجرامية منظمة متخصصة في إعداد حوادث سير بمعطيات وهمية ومغلوطة، اعتمادا على خبرة محامية تنتمي لهيئة الرباط يتواجد مكتبها بشارع علال بن عبد الله بالعاصمة، وطبيبين وسائق سيارة إسعاف تابعة للوقاية المدنية ووسطاء.
وكان قاضي التحقيق قرر متابعة أربعة متهمين في وضعية اعتقال ويتعلق الأمر بالمتهمة الرئيسية وهي (ل.ع) محامية بهيئة الرباط و(س. ز) كاتبة محامي بالرباط و(ن. (ز) و (م.ا) وهما وسيطان، فيما قرر متابعة باقي المتهمين في حالة سراح وعددهم ثلاثة أشخاص يتعلق الأمر بالطبيبين (ن.ب) و(ع.ل) مع أداء كل واحد منهم كفالة قدرها 5 ملايين سنتيم، و(س.ل) مساعد بالوقاية المدنية مع أدائه هو الآخر كفالة مالية مقابل متابعته في حالة سراح تقدر بـ5000 درهم.
وضمن تفاصيل مرتبطة بهذه القضية، فجرت تحريات أنجزتها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بالدار البيضاء، بناء على معلومات دقيقة وفرتها عناصر المديرية العامة لمراقبة التراب الوطني، فضيحة من العيار الثقيل، بعد أن كشفت تورط عصابة إجرامية في التلاعب في ملفات حوادث السير والنصب على شركات التامين وتحصيل مبالغ مالية وصفت بالكبيرة.
وأشارت المعطيات الأولية إلى الاشتباه في تورط سبعة أشخاص تتقدمهم محامية شابة من هيئة الرباط وطبيبان في التلاعب في ملفات العجز المترتب عن حوادث السير والإدلاء بها ضمن ملفات التأمين والتعويض ما ترتب عنه جني تعويضات ومبالغ مالية كبيرة.
وتفيد المعطيات نفسها بأن عمليات التلاعب والنصب كانت تتم بتدخلات مضبوطة ومحكمة من طرف متخصصين فضائيا وطبيا بمساعدة سماسرة وسائق سيارة إسعاف تابعة للوقاية المدنية.
وحسب المعلومات نفسها، ظلت الشبكة الإجرامية تترصد ضحايا حوادث السير بشوارع الرباط وغيرها عبر وسيطين متخصصين حيث كان يتم الاتصال فور وقوع الحوادث بباقي أطراف الشبكة وهم المحامية ومساعدة المحامي والطبيبان من أجل مصاحبة عائلة الضحايا فور وقوع الحادثة ونقلهم إلى المستشفى بتنسيق مع سائق سيارة الإسعاف الذي يتكلف بالنقل.
ويتم الشروع في إعداد الشهادات الطبية وإصدارها بمعطيات مغلوطة حول مدة العجز وطبيعة الإصابات، قبل تضمينها في ملفات التعويض المقدمة لشركات التأمين، وهي المهمة التي يرجح أنها كانت تسند للمحامية ومساعدة المحامي بالنظر إلى تخصصهما ودرايتهما بالتقارير القانونية ومساطر التقاضي المرتبطة بنزاعات حوادث السير وملفات التعويض.
ونجحت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية في فك لغز هذه القضية في زمن قياسي بتنسيق مع مصالح الديستي، وتوجيهات النيابة العامة التي أشرفت على مسار الأبحاث وعملت التحقيقات التفصيلية على النبش في تفاصيل هذه الفضيحة المدوية، حيث تم استقراء الملفات المشبوهة التي سبق تقديمها من طرف الشبكة ومعالجتها لدى شركات التامين، كما جرى استدعاء بعض ضحايا حوادث السير الذين تم استغلال وضعيتهم والتلاعب في ملفات التعويض التي جرى عرضها على شركات التامين باسم المحامية.
وكانت الهيئة القضائية بالغرفة الجنحية التلبسية بالمحكمة الابتدائية بالرباط حسمت في 19 ماي الماضي، المرحلة الابتدائية من هذا الملف المثير، حيث أصدرت أحكامها الابتدائية التي تراوحت بين أربعة أشهر حبسا نافذا وسنتين حبسا نافذا.
وأدانت هيئة الحكم المحامية بسنتين حبسا نافذا، وقضت بالحبس النافذ في حق وسيط لمدة سنة ونصف السنة (18 شهرا)، حيث اعتبرته معطيات الملف متهما رئيسيا، إذ كان يتكلف باستقطاب الضحايا وإعداد الملفات فيما وزعت سنة واحدة حبسا نافذا بالتساوي بين طبيبين، أما كاتبة المحامي المتورطة في الملف فأدانتها المحكمة بأربعة أشهر حبسا نافذا.




