غير أن هذه الصور المثالية والمشاهد الباذخة تثير تساؤلات جوهرية: هل يساهم المؤثرون في تكريس ثقافة استهلاكية سطحية؟ أم أنهم مجرد انعكاس لطموحات جيل يعيش بشكل دائم تحت إيقاع العالم الرقمي؟
أسماء، طالبة جامعية في سنتها الثالثة، تصف تجربتها قائلة: «أشعر أحيانًا أن حياتي مملة مقارنة بما أراه على إنستغرام. كأن الجميع يعيش حياة الأحلام، وأنا فقط أراقب من بعيد».
هذا الشعور، وفق خبراء علم النفس الاجتماعي، يرتبط بظاهرة تُعرف بـ«المقارنة التصاعدية»، حيث يقارن الأفراد أنفسهم بمن يبدون أكثر نجاحًا أو ثراءً، ما يؤدي إلى تراجع تقدير الذات وارتفاع مشاعر الإحباط.
وفي تصريح لموقع Le360، حذّر الأستاذ الجامعي المتخصص في علم النفس الاجتماعي، محسن بنزاكور، من الآثار النفسية العميقة لمواقع التواصل، خصوصًا على فئة الشباب.
وأوضح أن معايير التأثير تغيّرت: فبينما كان الشباب في الماضي يتأثرون بنجوم الفن والرياضة الذين بُنيت شهرتهم على الإنجاز، أضحى «عدد الإعجابات» والتفاعلات هو المعيار الجديد للشهرة.
وأضاف بنزاكور أن متابعة المؤثرين لفترات طويلة تُنتج لدى الشباب أحلامًا غير واقعية، سرعان ما تتحول إلى مصدر إحباط عند الاصطدام بواقع مختلف.
لكن الحل، بحسب المتحدث ذاته، لا يكمن في القطيعة مع هذه المنصات، بل في تعزيز الوعي النقدي لدى الشباب، حتى يتمكنوا من تفكيك الرسائل التي يتلقونها، وإدراك أن ما يُعرض ليس دائمًا حقيقيًا أو في متناول الجميع. هذا الوعي، كما يؤكد بنزاكور، هو صمام الأمان الذي يساعد الشباب على تجنب فخ المقارنات، وبناء طموحات أكثر واقعية واستدامة.
