وأوضح الحسين تودما، رئيس جمعية «إنليف» بجماعة سيدي عبد الله أوسعيد بإقليم تارودانت، أن القصة بدأت في مدرسة ابتدائية حيث تبينت إصابة طفلة بأعراض الحمى والسعال وظهور حبوب على وجهها قبل أن تفارق الحياة وسط حزن عميق في صفوف أفراد أسرتها وسكان الدوار، مشيرا إلى أن حالات أخرى كانت تعاني من أعراض أخرى من قبيل الغثيان والقيء مصحوبين بألم شديد.
وأضاف المتحدث، في تصريح لـLe360، أن الداء بدأ في الانتشار رويدا رويدا في صفوف أطفال القرية أمام ذهول الآباء والأمهات والذين لم يفهموا ما يحصل مع فلذات أكبادهم، مشيرا إلى أن الأطفال لم يتلقوا التلقيح اللازم بسبب بُعْد مقر الجماعة والمركز الصحي عن الدواوير التي ضربها المرض الأحمر لما يقارب 20 كيلومترا في طريق غير معبدة وتشكل خطرا على المارة، حيث تعمد بعض النساء إلى المشي على الأقدام على طول هذه الطريق وعلى ظهورهن المرضى من أبنائهن.
وأكد الفاعل المدني ذاته أن عدد المصابين بـ«بوحمرون» في الدوار بلغ 26 طفلا تتراوح أعمارهم ما بين 11 شهرا و16 سنة ويتلقون العلاج بالمستشفى الإقليمي المختار السوسي بتارودانت، مضيفا أن 5 من أصل 26 حالة، غادروا المركز الاستشفائي بعد تحسن حالتهم في ما البقية لا يزال يرقد هناك لحدود الساعة، منبها إلى ضرورة إيلاء عناية قصوى لمختلف المصابين والعمل على التعجيل بتنظيم عملية تلقيح واسعة بالدوار والدواوير المجاورة لتفادي الأسوأ.
من جانبه، قال الحسن واعلي، أحد آباء الأطفال المصابين بالحصبة في تصريح لـLe360، إنه أرغم ابنه على عدم الذهاب إلى المدرسة بعد ظهور بعض الأعراض على تلاميذ آخرين إلا أنه في آخر المطاف أصيب هو أيضا بالداء لتتدهور حالته الصحية ويتم نقله على وجه السرعة نحو مستعجلات مستشفى تارودانت حيث يرقد الآن لتلقي العلاجات الضرورية، مشيرا إلى أن غياب الطريق زاد من حدة الأزمة الصحية للأطفال وجعلهم يتأخرون في الانتقال من الدوار نحو المستشفى.
وفي سياق متصل أوضح محمد رضا الغربي، مساعد اجتماعي بوحدة حماية الطفولة بتارودانت، أنه من خلال الزيارات التي يقوم بها فريق العمل الاجتماعي في الوحدة للأسر المعنية تبين في الوهلة الأولى أن الأعراض عادية تتضمن حمى قبل أن تتفاقم ويشرع المصابون في القيء المتواصل، وبمجرد تلقيهم للدواء، يقول المتحدث، ظهرت أعراض أخرى أكثر خطورة إلى درجة لم يعد باستطاعة الأطفال الوقوف.
وفي الوقت الذي لم تشر فيه وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في بلاغها الصادر أمس الإثنين 4 مارس 2024، إلى عدد الوفيات المسجلة بسبب هذا الداء، أكد الفاعل الجمعوي الحسين تودما، أن طفلتين فارقتا الحياة تبلغان من العمر على التوالي 3 و8 سنوات، في ما أصيب 26 طفلا من ضمنهم 8 طفلات بالداء ويتلقون العلاج حاليا في المستشفى الإقليمي، 5 منهم غادروا هذا الأخير صوب منازل أسرهم إثر تسجيل تحسن في حالتهم الصحية.
وكشف مصدر طبي لـLe360، عن أن الحالات المسجلة يسهر على تتبعها فريق من المندوبية الإقليمية للصحة بتارودانت، في وقت حاول مراسل الموقع الاتصال بالمندوب الإقليمي لكن ظل هاتفه يرن من دون إجابة وتحفَّظ مدير المستشفى عن الإدلاء بأي تصريح يخص الموضوع، بينما أكدت المديرة الجهوية للصحة بجهة سوس-ماسة في اتصال بها أنها لن تدلي بأي تصريح حاليا ومن غير الممكن التصوير داخل المستشفى.
وذكرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في بلاغ لها أنه «وفي إطار سياستها التواصلية، تخبر عموم المواطنات والمواطنين بارتفاع حالات الحصبة في بلادنا في سياق عالمي يتميز بزيادات كبيرة في عدد الحالات وتفشيها على مستوى العالم، بما في ذلك دول أوروبية وإفريقية والولايات المتحدة الأمريكية ومناطق أخرى من العالم».
وأضافت: «وطنيا، تم رصد ارتفاع ملحوظ لعدد حالات الحصبة منذ منتصف شتنبر 2023 بجهة سوس- ماسة بالخصوص، وفور ذلك، قامت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية عبر مصالحها الجهوية والإقليمية بمجموعة من التدابير الميدانية من خلال تعزيز أنشطة الرصد الوبائي وحملات للتلقيح، مما مكن من احتواء سرعة انتشارها، وهذا ما جعل الحالات المسجلة في الأسابيع الأخيرة متمركزة بإقليمي تارودانت وشتوكة آيت باها».
وخلصت التحريات الوبائية الميدانية، يورد البلاغ، «إلى انخفاض الإقبال على التلقيح بمجموعة من التجمعات السكانية، مما ساهم في انتشار الفيروس وظهور بؤر الحالات المرضية».
وزاد المصدر قائلا: «إذ تذكر وزارة الصحة والحماية الاجتماعية بأن التطعيم هو الطريقة الأكثر فعالية للوقاية من العديد من الأمراض المعدية بما في ذلك الحصبة، فإنها تهيب بالأمهات والآباء الإلتزام بجدول التلقيح المعتمد في إطار البرنامج الوطني للتمنيع، حيث يشمل جرعتين ضد الحصبة في الشهر التاسع والثامن عشر، كما تنصح الوزارة بضرورة التوجه إلى أقرب مؤسسة صحية في حالات ظهور أعراض المرض (طفح جلدي مع حمى)، لتلقي العلاج المناسب وتفادي المضاعفات».
وخلصت الوزارة في بلاغها إلى أنها توفر عبر شبكة المؤسسات الصحية الأولية بمختلف أقاليم وعمالات المملكة خدمة اللقاحات مجانا، حيث يعد البرنامج الوطني للتمنيع من البرامج ذات الأولوية لدى الوزارة.