بين المخدرات وتفكك الأسرة.. بنزاكور يشرح أسباب تصاعد العنف وسط المجتمع

شباب يحملون أسلحة بيضاء (صورة تعبيرية). DR

في 17/04/2025 على الساعة 09:00

شهد المغرب، في الأيام الأخيرة، تصاعدا مقلقا في حوادث العنف المرتبطة باستعمال الأسلحة البيضاء، حيث لم تعد هذه الظاهرة مقتصرة على الأحياء الهامشية، بل امتدت إلى مختلف المدن والقرى، ما أثار قلقا واسعا في أوساط المواطنين.

وبهذا الخصوص، قال محسن بن زاكور، أستاذ علم النفس الاجتماعي، في تصريح هاتفي Le360، إن اللجوء إلى العنف وانتشار استعمال الأسلحة البيضاء بهذا الشكل هو نتيجة لعدة عوامل متداخلة، وأهمها أن العنف في المغرب أصبح بنيويا، إذ يبدأ الفرد حياته بالعنف الذي يرافقه من المنزل إلى الشارع، فالمدرسة، وحتى إلى مكان العمل، وهو عنف متعدد الأشكال؛ لفظي، جسدي، ونفسي.

وأوضح بن زاكور أن هؤلاء الأشخاص باتوا يمارسون العنف ضد الجميع، سواء رجال الأمن أو حتى المواطنين الذين يعيشون ظروفا مماثلة، ما يطرح تساؤلات عميقة حول فقدان هؤلاء الأفراد لمقومات الانتماء واحترام الفضاء العام، إذ أصبح العنف بالنسبة لهم هو السبيل الوحيد للتعبير، ما يشكل تهديدا مباشرا لأفراد المجتمع.

وأكد بن زاكور على ضرورة تدخل الدولة بمختلف مؤسساتها، وليس فقط من خلال المقاربة الأمنية، لأن استمرار الوضع على ما هو عليه سيجعلنا دائما عرضة لتأثير المخدرات الصلبة والأقراص المهلوسة مثل الكوكايين والبوفا، التي انتشر تعاطيها بشكل كبير مؤخرا، وتدفع بالأشخاص إلى سلوكيات خطِرة نتيجة حالات من الهلوسة والاندفاع.

وشدّد بن زاكور على أن جذور المشكلة تمتد أيضا إلى داخل الأسرة التي تخلّت عن دورها الأساسي في التنشئة، حيث أصبحت غالبا ما تعتمد العنف لحل الخلافات، مما يخلق أفرادا لا يؤمنون إلا بالعنف كوسيلة وحيدة للتواصل.

وأضاف المتحدث ذاته أن هذا السلوك يتكرر في المدارس، وخير مثال على ذلك مقتل أستاذة بأرفود على يد أحد الشباب، هذا النوع من «العنف البنيوي» الذي بات بعض الأشخاص يعيشونه باستمرار يُنتج أفرادا حياتهم مبنية على العنف، ما يستدعي مقاربة شمولية في المعالجة، وليس الاكتفاء بالمقاربة الأمنية.

وأشار إلى أن المندوبية العامة لإدارة السجون اشتكت من الاكتظاظ، مما يفرض اعتماد العقوبات البديلة كوسيلة تربوية. كما دعا إلى إعادة تأهيل الأسر من خلال إنشاء مؤسسات سماها بـ«المدرسة الوالدية»، بهدف مرافقة الآباء والأمهات لمعالجة العنف من جذوره. كما طالب بإدماج «الوساطة المدرسية» في المؤسسات التعليمية لمحاربة التنمر والعنف، لأن ذلك من شأنه ترسيخ مفاهيم التفاهم والتواصل والتفاوض والقدرة على حلّ الخلافات بطرق عقلانية.

ورفض بن زاكور الفكرة الشائعة التي تربط بين الفقر والجريمة، مؤكدا أن «ليس كل الفقراء مجرمين أو يحملون الأسلحة البيضاء»، مضيفا أن الفقر ظاهرة اجتماعية تستدعي إيجاد حلول جذرية كخلق فرص شغل ووضع هيكلة اقتصادية مناسبة، مع التركيز على بناء الإنسان، وهو دور الإعلام والمجتمع المدني.

أما في ما يخص الادعاءات التي تربط خروج المرأة للعمل بـ«تدهور مستوى التربية»، فقد رفضها بن زاكور تماما، معتبرا أن في ذلك ظلما للمرأة ومساسا بحقها في العمل وتحقيق ذاتها. وقال: «إذا ما سلّمنا بهذه الفكرة، فهذا يعني رفض خروج المرأة للعمل، بينما لا أحد يتساءل عن خروج الرجل للعمل». وأكد أن المشكل الحقيقي يكمن في غياب بدائل مؤسساتية من طرف وزارة الأسرة والتضامن، مثل توفير حضانة للأطفال في المؤسسات العمومية، أو سنّ قوانين تمنح الأبوين إجازة مدفوعة في السنوات الأولى من حياة الطفل، لمرافقته ومنحه تربية سليمة، بدلا من تحميل الأم وحدها مسؤولية هذا الخلل.



تحرير من طرف حفيظة وجمان
في 17/04/2025 على الساعة 09:00