الأشجار المثمرة الأكثر تضررا
من بين القطاعات الزراعية الأكثر تضررًا من توالي سنوات الجفاف، كانت الأشجار المثمرة، مثل الزيتون، الورديات، اللوز، والحوامض، وفق ما أكده المختص في العلوم والهندسة الزراعية كمال أبركاني.
الجفاف يضرب زراعة أشجار الزيتون بضواحي مراكش
هذه الأشجار، يوضح الأستاذ الجامعي بالكلية متعددة التخصصات بجامعة محمد الأول بالناظور، تحتاج لفترة طويلة للتعافي عند تعرضها للتلف، حيث أشار إلى أن إعادة التشجير بعد فقدان مساحات كبيرة من هذه الأشجار يتطلب خمس سنوات على الأقل. هذا التأخير يجعل إقناع الفلاحين بإعادة التشجير أمرًا صعبًا، حيث يتطلب الأمر استثمارات طويلة الأجل دون نتائج فورية.
درجات حرارة قياسية
وفق ما أورد تقرير المديرية العامة للأرصاد الجوية، كانت السنة الماضية (2023) الأكثر حرارة منذ بداية القرن العشرين، إذ تعدى معدل درجة الحرارة المعدل المعتاد للفترة 2010-1981 بحوالي 1,77 درجة مئوية، حيث درجات الحرارة اليومية أعلى من المعدل الطبيعي خلال 79% من أيام السنة.
وفيما يخص التساقطات، تعتبر سنة 2023 الأكثر جفافا على الإطلاق منذ 80 سنة على الأقل بعجز بلغ حوالي 48 في المئة. وهي السنة الجافة الخامسة على التوالي متمة بهذا فترة جفاف متواصل هي الأطول في التاريخ المعاصر للمغرب.
وسجل المغرب خلال الموسم الفلاحي الماضي، معدل أمطار مقدر بحوالي 134 ميليمتر مما يمثل عجزا بحوالي 29,22 في المئة.
تداعيات على جيوب المواطنين
أثر الجفاف بشكل مباشر على الأسعار في الأسواق المغربية، يؤكد المختص في العلوم والهندسة الزراعية، « حيث سجلت منتجات مثل زيت الزيتون ارتفاعًا ملحوظًا. فبعد أن كان سعره يقارب 40 درهمًا، تجاوز الآن 100 درهم، بسبب انخفاض العرض نتيجة فقدان العديد من أشجار الزيتون».
وينطبق هذا الارتفاع يوضح أبركاني، على جميع الزراعات المتضررة، مما أثر على القدرة الشرائية للمواطنين. فالمواطن الذي كان يستهلك مثلا كيلوغرامين من الطماطم أصبح اليوم يكتفي بكيلوغرام واحد فقط.
ولفت المتحدث إلى أن هناك عوامل أخرى تتدخل في ارتفاع الأسعار كزيادة تكلفة الإنتاج وغلاء الأسمدة والمحروقات، مشيرا إلى أن « الدولة قامت بعدة تدابير للحفاظ على الأسواق وتدارك الموقف سواء من خلال وقف التصدير أو فتح باب الاستيراد كما عملت في الزيتون والطماطم».
تحديات حقيقية
قال كمال أبركاني، إن المغرب من بين الدول التي تعاني من نقص في المياه الجوفية وتعتمد على المياه السطحية، ويواجه تحديات كبيرة مقارنة ببعض الدول الأخرى، مثل السودان وليبيا التي تتوفر على كميات كبيرة من المياه الجوفية. هذا ما دفع السلطات إلى الاستثمار في آليات جديدة لتوفير موارد مائية بديلة.
« في الخطاب الملكي السامي في أكتوبر 2022 خلال افتتاح السنة التشريعية للبرلمان، تكلم جلالته على الاجهاد المائي والاستثمار والآليات للسنوات القادمة، هذه السنة تحدث جلالته على تثمين الموارد المائية وتسريع منضومة التجهيز ».
وتنفيذا للتوجيهات الملكية السامية يشرح الخبير، قامت الحكومة بتنزيل مشاريع مهمة كتعلية السدود وبناء سدود جديدة، وتحلية المياه الذي سيمكن من توفير موارد مائية مهمة.
ولفت المتحدث إلى أن هناك تدابير أخرى قامت بها السلطات كالسقي بالتنقيط الذي يقتصد ما يقارب 70 في المائة من المياه حسب المصادر العلمية، وهناك أيضا التكنلوجيا الرقمية التي انخرطت فيها البلاد للوصول إلى إنتاج أفضل بأقل تكلفة مع اقتصاد الماء وكذلك الفرز الجيني الذي يمكن من اختيار أشجار ونباتا مقاومة للجفاف وتستهلك أقل كمية من المياه.
وأمام هذه التحديات شدد المختص في العلوم والهندسة الزراعية كمال أبركاني على أن القطاع الفلاحي يستوجب « تخطيط زراعي محكم ماذا سنزرع؟ وأين سنزرع؟ وما هي الزراعات المناسبة لكل منطقة؟ ».