ربورتاج: أزمة النقل الحضري تستفحل بفاس.. ودعوات لإنقاذ القطاع أمام معاناة السكان

أزمة النقل الحضري تستفحل بفاس.. ودعوات لإنقاذ القطاع أمام معاناة السكان

في 06/10/2024 على الساعة 18:30, تحديث بتاريخ 06/10/2024 على الساعة 18:30

فيديوعلى مدى الأيام الماضية، بل ومنذ سنوات، تعيش مدينة فاس أزمة خانقة وغير مسبوقة، نظرا لتردي خدمات قطاع النقل الحضري، فرغم الشكاوي والحوادث المتكررة، لا تزال شركة «سيتي باص»، التي عمرت منذ سنة 2012, تجوب شوارع العاصمة العلمية بخدمات يعتبرها السكان «لا ترقى لمستوى تطلعات الساكنة»، في ظل ما يعتبرونه «عجز المسؤولين المتعاقبين على تسيير شؤون المدينة عن إيجاد الحلول الكفيلة بوقف هذه المشاهد المؤسفة».

وباتت مشاهد غير مشرفة للعاصمة العلمية، روتينية ومألوفة لساكنة مدينة فاس، أسطول مهترئ، حافلات معطلة، ودخان أسود كثيف يجوب مع كل خدمة تقدمها شركة النقل الحضري، حوادث بالجملة أصبحت تهدد حياة المواطنين، معاناة يومية لأزمة طالت دون أن تظهر بوادر انقطاعها.

فبين الفينة والأخرى، تهدي شركة «سيتي باص» لمرتفقي حافلاتها المجنونة، أو كما أصبح يطلق عليها «صناديق الموت»، حوادث مفاجئة من باب تجويد خدمات القرب، والمساهمة في التخفيف على زبنائها، وهم القادمون من أحياء شعبية، خاصة أمام ما يعانونه من ثقل الأوضاع.

وفي حادثة جديدة، أبت إحدى حافلات النقل الحضري بمدينة فاس، بحر الأسبوع الجاري، إلا أن تُنظّم «جولة قاتلة» مفاجئة لمقبرة باب الكيسة، لفائدة أزيد من 60 شخصا كانوا على متنها، فقد كانت فرصة لمعاينة الموت بعد سقوط مدوي ناجم عن عطب في الفرامل، انتهى بحادث كارثي نقل على إثره عشرات الركاب إلى مستعجلات مستشفى الغساني لتلقي العلاج.

هذه الحادثة، أعادت التساؤلات المتكررة حول شركة نهبت جيوب المغاربة جراء اختلاسات في مدينة فاس، بالنظر إلى الحافلات المهترئة المفتقرة لأبسط شروط السلامة، وأبرزت الحاجة الملحة لإصلاح وتطوير قطاع النقل الحضري، من أجل ضمان سلامة الركاب ومنع تكرار مثل هذه الحوادث المؤلمة.

يوسف الطراش، ابن منطقة جنان الورد، وطالب بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، استنكر، في تصريحه لـLe360، الوضعية الكارثية للأسطول، مبرزا المعاناة اليومية للتلاميذ والطلبة وعموم الساكنة مع حافلات لا تحفظ الكرامة ولا تحترم آدمية الركاب، كونها مجرد قطع خردة تهدد حياة الساكنة. وأشار أنه مع بداية كل موسم دراسي يحتدم النقاش، وتبدأ طبول الاحتجاجات تقرع في مختلف الكليات ذات الاستقطاب المفتوح بجامعات فاس، التي يعاني طلابها من أزمة حادة مع النقل الحضري.

من جهتها، عبّرت أميمة، طالبة بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس، عن غضبها لما آل اليه قطاع النقل، «أسطول متهالك، ينضاف إلى سوء الخدمة، والتأخر الكبير في وصول الحافلات، قلة الخطوط، ما يدفع الطلبة كباقي المواطنين للانتظار لمدة طويلة، ما يحول دون وصولهم لمحاضراتهم في الوقت المحدد، وقد تأتي الحافلة مملوءة، ما يجعل سائقها يضطر لعدم التوقف».

ويشار، في هذا السياق، إلى أن الشركة المفوض لها تدبير قطاع النقل والمجلس الجماعي للمدينة قد وقّعا، السنة الماضية، اتفاقا رعته مصالح وزارة الداخلية، في سياق تحكيم لجأت إليه «سيتي باص» بعد أزمة ثقة تفجرت بينها وبين المجلس الجماعي، بسبب عدم التزامها بدفتر التحملات، ونص هذا الاتفاق على موارد ضخمة ضخت للقطاع، بهدف تجاوز تهالك الأسطول والنقص الكبير للحافلات، لكن هذا الاتفاق لم تظهر نتائجه على أرض الواقع، في غياب تام لأي أثر إيجابي على الخدمات المقدمة.

وفي الوقت الذي تستمر فيه جماعة فاس تأكيد وعودها، يواصل مواطنون طرح تساؤلاتهم عن سبب هذا التأخر الذي طال منذ دورة دجنبر 2022، التي وعد فيها عمدة فاس عبد السلام البقالي باقتناء 227 حافلة في غضون 10 أشهر، والذي من المفترض أن تكون قد شرعت في الخدمة مع بداية الموسم الجامعي الجاري.

عبد الهادي النقابي، وهو فاعل جمعوي، أشار في تصريحه لـLe360، إلى أن واقع النقل الحضري بمدينة فاس هو واقع مزر وكارثي، فالعديد من أحياء مدينة فاس دون حافلات، والساكنة أصبحت معرضة للحوادث في أي لحظة بسبب الحالة الميكانيكية المهترئة للحافلات، التي لا تلبي حاجياتها، فضلا عن الأعطال المتكررة لأزيد من ساعة أو ساعتين وسط الطرقات.

وإضافة إلى المشاكل الميكانيكية وقلة الحافلات، أبرز الفاعل الجمعوي أن هذه الحافلات تغيب فيها الولوجيات للأشخاص في وضعية إعاقة، ولا تراعي للمسنين والنساء الحوامل، ولم تعد الشركة توفر الخطوط المباشرة للطلبة، هذه المشاكل المتعددة، يضيف المتحدث، هي التي جعلت غضب الساكنة ينتشر كالنار في الهشيم، وتتناقله صفحات ونشطاء المدينة، بل تجاوز التفاعل معه الفضاء الرقمي، لينتقل إلى الواقع، بالعديد من الاحتجاجات في عدة خطوط وأحياء.

وفي ظل هذا السخط العام، أكد الفاعل الجمعوي أن الساكنة لا تطالب اليوم سوى بأسطول حقيقي يليق بمدينة فاس وتاريخها في أسرع وقت، بل معالجة الأزمة وتغطية كل الأحياء، مؤكدا أن الوضع ينذر بمخاطر محدقة إذ لم تتحرك الجهات المعنية للوقوف في وجه المتورّطين في تأزيم ملف النقل الحضري، بفعل قرارات جائرة، يتحمّل مسؤوليتها بالأساس المجلس الجماعي.

وللوقوف على رأي عمدة مدينة فاس، عبد السلام البقالي بخصوص هذا الموضوع، ربطنا الاتصال به إلا أن هاتفه ظل يرن دون مجيب.


تحرير من طرف يسرى جوال
في 06/10/2024 على الساعة 18:30, تحديث بتاريخ 06/10/2024 على الساعة 18:30