واقع عالمي مقلق: ملايين المصابين و80% خارج نطاق العلاج
تشير أرقام منظمة الصحة العالمية إلى أن أكثر من 354 مليون شخص حول العالم يتعايشون مع فيروس التهاب الكبد B أو C، في وقت يُسجَّل فيه 1.2 مليون إصابة جديدة بـ B ومليون إصابة بـ C سنويًا.
والأخطر أن 80% من المصابين لا يتلقون الخدمات الضرورية للكشف والعلاج، إما لغياب التشخيص أو لارتفاع تكلفة الأدوية. مع العلم أن أكثر من 95% من حالات التهاب الكبد C قابلة للشفاء باستخدام علاجات فعالة مثل مضادات الفيروسات ذات المفعول المباشر (DAAs).
المغرب يتحرك... ولكن
منذ سنوات، تبنت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في المغرب استراتيجية وطنية لمكافحة التهاب الكبد، تستهدف تقليص الوفيات بنسبة 50% في أفق 2026، مع هدف طموح بالقضاء على التهاب الكبد C بحلول 2030. وتشير التقديرات الوطنية إلى أن هناك حوالي 245 ألف حامل مزمن لفيروس B و 125 ألف مصاب بفيروس C.
ويعتمد المغرب على الأدوية الجنيسة المصنعة محليًا منذ 2015 مثل « سوفوسبيفير » و«داكلاتاسفير»، التي تصل نسبة الشفاء بها إلى 95% في غضون 8 إلى 12 أسبوعًا فقط. كما تم منذ 2019 الترخيص لدواء يجمع بين “سوفوسبيفير” و“فيلباطاسفير”، مما يعزز الخيارات العلاجية.
عائق الكلفة... والتشخيص المتأخر
رغم هذا التقدم، لا تزال تكلفة العلاج تشكل عائقًا حقيقيًا أمام تحقيق أهداف الاستراتيجية الوطنية، إذ تتراوح أسعار العلبة الواحدة بين 5000 و6000 درهم، فيما تصل تكلفة دورة علاجية كاملة إلى 13,500 درهم.
للمقارنة، يبلغ ثمن نفس الأدوية الجنيسة في مصر حوالي 477 درهمًا فقط للعلبة، بعد اعتماد سياسات لتخفيض الأسعار وتشجيع الإنتاج المحلي.
وفي هذا الصدد، دعت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة إلى مراجعة عاجلة للمرسوم رقم 2.13.852 المتعلق بتحديد أسعار بيع الأدوية، وضمان إدراج علاجات التهاب الكبد ضمن لائحة الأدوية المشمولة بالتغطية الصحية بنسبة 100%.
كما طالبت الشبكة بتفعيل صلاحيات الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية لتسريع مساطر الترخيص، وتشجيع التصنيع المحلي وخفض أسعار الدواء.
مهنيو الصحة في الواجهة: الفئة الأكثر عرضة
إحدى أبرز النقاط التي ركزت عليها الشبكة في تقريرها بمناسبة اليوم العالمي، هي ارتفاع معدل إصابة مهنيي الصحة بفيروسات الكبد B و C، خاصة تقنيي المختبرات (20%-30%)، والممرضين والممرضات (10%-25%)، والأطباء (5%-15%).
ويرجع ذلك إلى نقص معدات الوقاية، عدم التلقيح الإجباري، ضعف الوعي ببروتوكولات الوقاية، وعدم الإبلاغ عن الإصابات المهنية.
وشدد التقرير على ضرورة اعتماد نهج شامل للوقاية يشمل التلقيح الإجباري ضد فيروس B للعاملين الصحيين، وتوفير معدات الحماية الشخصية، والتدريب المستمر على إجراءات الوقاية لضمان بيئة عمل آمنة، إى جانب تفعيل بروتوكولات التعرض المهني والمتابعة الطبية الفورية.
توصيات لتحقيق هدف 2030
ولضمان التقدم نحو القضاء على التهاب الكبد، أوصت الشبكة المغربية بعدة خطوات محورية كتعزيز التلقيح المجاني لحديثي الولادة، وتنظيم حملات تشخيص مجاني للفئات الأكثر عرضة، إلى جانب تخفيض أسعار الأدوية عبر تسقيف الأسعار وتشجيع التصنيع المحلي، وتوسيع التغطية الصحية لتشمل كافة علاجات التهاب الكبد، وكذا إشراك المجتمع المدني في صياغة وتتبع السياسة الدوائية، ورفع الوعي المجتمعي بمخاطر المرض وأهمية الكشف المبكر.




