ربورتاج: مشاهد صادمة.. وادي «الجواهر» بفاس يتحول إلى مزبلة تنذر بكارثة بيئية‎

وادي «الجواهر» بفاس يتحول إلى مزبلة تنذر بكارثة بيئية

في 18/08/2024 على الساعة 12:00, تحديث بتاريخ 18/08/2024 على الساعة 12:00

فيديووأنت تتجول بالقرب من ساحة لالة يدونة بالمدينة العتيقة لفاس، وعيونك ترمق جمالية المجمع الحرفي لأحياء الحرف التقليدية على طول وادي الجواهر، حيث تقف المباني شاهدة على حفاظ الحاضرة الإدريسية على تراثها الثقافي، ثم فجأة، وبدون سابق إنذار، تباغتك رائحة قوية تزكم الأنوف، ومشهد لتراكم النفايات، لا مكان له في هذا المشهد الخلاب.

ونظرا لتدني خدمات قطاع النظافة بالمدينة، تحول وادي «الجواهر» لنقطة سوداء، يأوي أكواما من الأزبال والنفايات، ما أثار موجة غضب واستياء عدد من فعاليات المجتمع المدني، التي دقت ناقوس الخطر بالمنطقة، منذرة بكارثة بيئية مرتقبة، في غياب أي تدخل من لدن الجهات المختصة لإزالتها، ووقف هذا النزيف الذي يهدد صحة المواطنين وجمالية المكان على حد سواء.

كثير من المواطنين والمعلمين بدار الدبغ، عبروا، في تصريحات متفرقة لـLe360، عن تذمرهم مما آل إليه وضع وادي «الجواهر», بعدما اخترقت الأزبال مياهه، الشيء الذي جعل العديد من الزوار والوافدين يرون صورا مقززة دفعتهم لتغيير الوجهة.

حسين الشلفي، صاحب محل بساحة لالة يدونة، قال إن السبب الرئيسي للأزبال، هو نتيجة سلوكيات الساكنة بنسبة كبيرة، «بعض الساكنة لا سامحهم الله يلقون بنفاياتهم في الوادي نظرا لغياب مطارح للنفايات بالمنطقة»، مضيفا أنه «عندما يزور أحد المسؤولين الكبار ساحة لالة يدونة السياحية، تتم تصفية الواد وتنقيته ورشه بالعطور، لكن ما إن يغادر الزائر السامي المنطقة حتى تعود الأزبال والروائح الكريهة إلى سابق عهدها»، «لا نعرف ما السبب، فنحن نعاني كثيرا جراء النفايات والروائح الكريهة».

من جانبه، قال هشام الشلفي، وهو ابن المنطقة، إن وادي الجواهر كان في وقت قريب نظيف بمياه ذهبية، لكن تدني خدمات قطاع النظافة بالمدينة، في غياب شبه تام لحاويات الأزبال، زاد الطين بلة.

وأضاف: «أصبحنا نعاني من أمراض تنفسية، فضلا عن الروائح الكريهة المنبعثة من واد الجواهر، ومن هجوم البعوض بسبب تراكم الأزبال»، مضيفا أنهم يتجنبون فتح نوافذ منازلهم لمواجهة حدة الروائح الكريهة والحشرات الضارة.

إلى ذلك، قال يونس البوكيلي الإدريسي، دباغ بدار الدبغ شوارة، في تصريح مماثل: «لقد صُرفت على مشروع تهيئة واد الجواهر، الذي تم تدشينه من طرف جلالة ملك، ميزانية كبيرة، في إطار سلسلة من المشاريع الأخرى التي تهم إعادة الاعتبار للمدينة العتيقة لفاس، وما تم الترويج له بخصوص المشروع لم يتحقق على أرض الواقع، فالبوابة التي تساهم في تصفية المياه متوقفة، لا نعرف ما السبب؟» مُلتمسا من المسؤولين عن القطاع بمجلس الجماعة وشركات النظافة والجهات المعنية الأخرى مد يد المساعدة من أجل إيجاد حلول ناجعة لتنقيته. وشدد قائلا: «هناك سدود صغيرة على مجرى الوادي، وإذا تم تشغيلها ستساهم في تطهيره».

من جهته، استرسل إدريس النجاري، دباغ بدار الدبغ شوارة، في حديثه مع Le360، قائلا: «ماذا سيقول عنا السياح ما إن يقتربوا من موقع الوادي، الذي يعتبر وجهة سياحة هامة؟ هذا يجعلنا نحس بالحرج مكان المسؤولين، وسيؤثر ذلك لا محالة سلبا على السياحة بالمدينة العتيقة لفاس».

إنجاز مشروع تهيئة وادي الجواهر، قصد تحويله إلى وادٍ إيكولوجي عبر إعادة ترميمه وتخصيص مجراه لانسياب المياه الصافية، في إطار برنامج إعادة الاعتبار لمدينة فاس العتيقة وتعزيز جاذبيتها السياحية، إذ إن تفاقم النفايات وانبعاث الروائح الكريهة من مجراه مجددا، أعاد إلى الواجهة الحديث عن جدوى هذا المشروع، الذي كان الرهان معلقا عليه لجعله أحد مزارات المدينة العتيقة لفاس.

وللوقوف على رأي رئيس مقاطعة فاس المدينة، بخصوص هذا الموضوع، ربطنا الاتصال به لكن هاتفه ظل يرن دون مجيب.

صفقة جديدة للنظافة بفاس

يشار إلى أن مدينة فاس تعيش على وقع فترة انتقالية، حيث قرر المجلس الجماعي بتنسيق مع وزارة الداخلية وولاية جهة فاس مكناس، تقسيم المدينة إلى قطاعين، وكل قطاع ستتولى تدبيره شركة، ما يفيد بأن التوجه يرمي إلى إنهاء وضعية تدبير القطاع من قبل شركة واحدة. إذ باشرت المصالح الجماعية المختصة إجراءات معالجة الملفات الإدارية للشركات المتبارية. وفي المرحلة الثانية سيتم الحسم في الملفات التقنية، على أن تخصص المرحلة الأخيرة للنظر في الملفات المالية. هذا، ومن المرتقب أن تعلن الجماعة عن الشركتين الفائزتين بالصفقة بداية شهر شتنبر القادم.

جدير بالذكر أن مدة العقد التي يجمع بين الجماعة وشركة «أوزون» للتدبير المفوض للقطاع قد انتهت، فخدمات الشركة التي تستعد للمغادرة تعاني من تدهور، وضعف الأسطول وتقادمه، كما أن محيط حاويات مهترئة تحوّل، في جل الأحياء، إلى مزابل عشوائية.

وقد لجأت الجماعة إلى منح تدبير مؤقت لشركة أخرى في كل من فاس العتيقة ومنطقة جنان الورد، خوفا من أن تغرق عدد من الأحياء وسط أكوام الأزبال، إلا أن وادي الجواهر، وبحسب مصدر جيد الاطلاع، لم يتم تضمينه في دفتر التحملات المؤقت.

وعلى أمل إيجاد حلول ناجعة لنداءات الساكنة، لا يزال مشكل قطاع النظافة بمدينة فاس ككل، يسائل الجهات الوصية ويضعها في زاوية المسؤولية للضغط على المجلس الجماعي لتحمل مسؤوليته والدفع بالقطاع إلى تدبير واقعي جديد.

تحرير من طرف يسرى جوال
في 18/08/2024 على الساعة 12:00, تحديث بتاريخ 18/08/2024 على الساعة 12:00