أزمة طلبة الطب: موقف الحكومة من مُدّة التكوين وخروج ميراوي عن صمته.. آخر مستجدات الملف

كلية الطب والصيدلة بالدار البيضاء

في 15/09/2024 على الساعة 12:01

في خطوة تصعيدية جديدة، خرج العشرات من طلبة الطب والصيدلة بمدينة طنجة، في مسيرة احتجاجية، يوم أمس السبت 14 شتنبر، للتعبير عن غضبهم من استمرار الأزمة القائمة بينهم وبين وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار.

وحمل المحتجون لافتات كُتِب عليها: «لا عودة بدون ممثلينا»، و«جودة التكوين الطبي وصحة المواطن المغربي وجهان لعملة واحدة»، مرددين شعارات من قبيل: «صامدون صامدون وكلنا مقاطعون».

المسيرة الاحتجاجية، جاءت بعد يومين من توجيه اللجنة الوطنية لطلبة الطب وطب الأسنان والصيدلة نداءً إلى أساتذتهم لمساندتهم، وذلك بعدما وصلت الأزمة القائمة بين الطلبة ووزارة ميراوي إلى نفق مسدود.

وكانت الشرارة الأولى لهذه الأزمة قد اندلعت بإعلان وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار خطتها لإصلاح التكوين الطبي مع اعتماد هيكلة بيداغوجية جديدة، والتي تضمنت تقليص مدة التكوين من سبع إلى ست سنوات، وهو الأمر الذي رفضه الطلبة، مطالبين بإعفاء الدفعات الخمس الحالية من هذا القرار وتطبيقه على الطلبة الجدد فقط. الشيء الذي رفضته الوزارة بشكل قطعي، (هذه الأزمة) مازالت قائمة لحدود اليوم، فبعد مضي 9 أشهر، لم تنجح الوساطات البرلمانية ولا جلسات الحوار في حلحلة الوضع.

الوزير يوجه رسالة للطلبة

في حديث مع موقع Le360، دعا وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، عبد اللطيف ميراوي، مرة أخرى طلبة الطب المضربين إلى «إنقاذ دراستهم والعودة إلى الكليات».

وأكد الوزير قائلا: «لقد استجبنا بشكل إيجابي للمطالب، بل حتى لأولئك الذين طالبوا بالمزيد. الآن، يجب أن نفكر في الطلاب الذين يحتاجون إلى هذه الدراسة، سواء لهم أو لعائلاتهم».

وأوضح الوزير أن 20% من طلبة الطب قد اجتازوا الامتحانات في الرباط، بينما اتبع 30% المسار نفسه في فاس.

وأضاف: «ما الذي ينتظره بعض المضربين المترددين، رغم الالتزامات الموثوقة التي قدمها بعض البرلمانيين»، مشيرا إلى أن بعض النواب التقوا مؤخرا بعدد من أولياء أمور الطلبة. كما حذرت مصادر حكومية من استغلال الإضراب «لأغراض أخرى».

موقف الحكومة من تقليص مدة الدراسة

وفقا لمصدر حكومي، فإن تقليص مدة الدراسة إلى 6 سنوات بالإضافة إلى التدريبات الإضافية يهدف إلى ضمان توافر موارد بشرية ذات جودة عالية في المغرب لتلبية احتياجاته من الطاقم الطبي.

وأضاف المصدر: «نحن نطبق إصلاحات تفيد المغرب وليس لسد عجز الآخرين».

كما أشار المصدر الحكومي إلى تمسك بعض الطلاب بفترة الدراسة البالغة 7 سنوات، مؤكدا أن هذه الممارسة موجودة في دول أخرى.

وأوضح أن هذه البرامج الدراسية تمتد على مدار سنوات عديدة، غالبا بسبب التخصص العميق أو المتطلبات الخاصة. يبدو أن هؤلاء الطلاب يجدون في هذا النموذج شرعية أو توافقا أفضل مع مشروعهم التعليمي أو المهني.

وعلاوة على ذلك، أدان المصدر نفسه بشدة استخدام وسائل التواصل الاجتماعي للضغط على الطلبة والعائلات الذين يختارون عدم المشاركة في الإضراب. وانتقد اللجوء إلى هذه المنصات الرقمية لحث أو حتى ترهيب من لا يتبعون الحركة، مما قد يؤدي إلى انقسام داخل المجتمع الطلابي. وأكد أنه من المهم تشجيع نقاش أكثر احتراما وشمولية، مع التنديد بالانحرافات المحتملة لحركة احتجاجية قد تتطرف وتهمش بعض الآراء من خلال هذه الوسائل الرقمية.

يذكر أن هذه المسيرة الاحتجاجية لطلبة الطب ليست الأولى في شهر شتنبر الجاري، فقد تجمهر عشرات الطلبة يوم السبت 7 شتنبر 2024، بجوار كلية الطب والصيدلة، وسط مدينة الدار البيضاء، وذلك بعد يومين من مقاطعتهم امتحانات استدراك الدورة الخريفية للموسم الجامعي 2023-2024.

وفي تصريحات استقاها Le360 من عين المكان، عبّر عدد من طلبة الطب والصيدلة عن استيائهم من استمرار الأزمة، متخوّفين من السيناريوهات المُهدّدة بـ«ضياع» الموسم الجامعي، ومُردّدين شعارات من قبيل: «نُساق نحو سنة بيضاء.. ترى من المسؤول»، و«جودة التكوين الطبي وصحة المواطن المغربي وَجْهان لعملة واحدة»، و«جودة التكوين الطبي خط أحمر»...

وقال محمد أمين فتحي، المنسق الوطني للجنة الوطنية لطلبة الطب والصيدلة وطب الأسنان، في تصريح لـLe360، إن «القرارات، التي جرى الحديث عنها، المتعلقة بإلغاء العقوبات والأصفار في حق بعض مُمثّلي الطلبة، لا أثر لتطبيقها على أرض الواقع»، مضيفا أنه «لا يوجد أي جديد في ما يخص تقليص مُدّة التكوين من سبع إلى ست سنوات».

من جانبها، انتقدت نرجس الهلالي، طالبة بكلية الطب وعضو باللجنة الوطنية للطلبة، في تصريح مُماثِل، (انتقدت) «قرارات الإصلاح» الصادرة عن وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار» مُعتبرة أنها «تُعمّق من الأزمة الحاصلة بكليات الطب والصيدلة، بِحُكم أنها غير مُكتملة»، مُطالبة بـ«عدم التضحية بالدُّفُعات الخمس الحالية بإقحامها في النظام الجديد»، ومُتحدّثة عن مجموعة من نقاط الخلاف، بالتأكيد على أن «الامتحانات ليست مِحور الأزمة».

وفي ما يخص شُعبة الصيدلة، أكّد سعد النخوي، رئيس مكتب طلبة الصيدلة بالدار البيضاء والمسؤول عن الشعبة باللجنة الوطنية، (أكّد) أن «ما يُقارب 90 بالمائة من طلبة الصيدلة وافقوا على المقترح الحكومة، لكن تطبيق مضامين القرارات الرامية لإنهاء الأزمة لم يُرَ على أرض الواقع، سيما أنه لم يتم التوقيع على أي محضر اتفاق»، مُطالبا بـ«إيجاد حلول للأزمة التي استمرت لـ9 أشهر».

هذا، وكانت لجنة الحوار لفرق الأغلبية بمجلس النواب قد أعلنت، يوم الأحد 1 شتنبر 2024، «إلى عموم طلبة الطب والصيدلة أنه، تتويجا لمسار الوساطة والحوار مع وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، فقد تلقّت أجوبة الوزارة بهذا الشأن».

وسجلت اللجنة البرلمانية، وفقا لمصدر مطلع، أنها «ستحرص على متابعة التزامات الوزارة المصرح بها في اللقاء بمجلس النواب بتاريخ 10 يوليوز 2024، خاصة ما يتعلق برفع العقوبات الصادرة في حق الطلبة وممثيليهم، وإلغاء نقطة الصفر، إضافة إلى برمجة دورتين للأسدس الأول والأسدس الثاني، وكذا العمل على ضمان الوعاء الزمني للتكوين للأفواج 2019- 2024 بحسب الصيغ البيداغوجية المعمول والمتخذة من طرف اللجان المختصة».

ودعت اللجنة البرلمانية طلبة الطب والصيدلة، قبل أيام، إلى «التفاعل الإيجابي مع مقترح وزارة التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، والثقة في المؤسسات»، مؤكدة أنها «ستواكب تنفيذ التزامات الوزارة ضمانا لمصالح الطلبة وبما يحقق المصلحة الفضلى للوطن».

وكانت مكونات الأغلبية قد وضعت مجموعة من المقترحات على طاولة وزير التعليم العالي لإنهاء الأزمة، من ضمنها الدعوة إلى تنظيم امتحانات تُشكّل، بالنسبة للطلبة الذين قاطعوا الموسم الماضي، فرصتين عن كل أسدس.

كما اقترحت أن يتم إلغاء التوقيفات والنقط الموجبة للرسوب، مقابل الإبقاء على القرار المتعلق بتقليص سنوات التكوين إلى 6 سنوات وفق الصيغة الأخيرة التي أقرتها الحكومة.

وهكذا، كان Le360 قد انتقل، يوم الخميس 5 شتنبر 2024، إلى كلية الطب والصيدلة بمدينة الدار البيضاء، ورصد أجواء اليوم الأول من الامتحانات، التي قاطعها، مرة أخرى، عدد كبير من الطلبة.

وكان طلبة الطب والصيدلة قد واصلوا، الاثنين 22 يوليوز 2024، مقاطعتهم لامتحانات الدورة الربيعية. فبعدما قاطعوا اختبارات الدورة العادية، أجمع جُلّهم، لاحقا، على مقاطعة اختبارات الدورة الاستدراكية.

وانتقل Le360 إلى كلية الطب والصيدلية بمدينة الدار البيضاء، الاثنين 22 يوليوز 2024، واِلتقط مجموعة من الصور، التي أظهرت غياب الطلبة عن محيط الكلية وغياب أجواء الامتحانات بشكل عام.

يذكر أن عددا كبيرا من طلبة الطب والصيدلة، قد تخلفوا عن اجتياز امتحانات الأسدس الثاني للسنة الجامعية الحالية (الدورة العادية)، التي كانت وزارة التعليم العالي قد برمجتها لتنطلق ابتداءً من يوم الأربعاء 26 يونيو 2024.

وبِلُغة الأرقام، فقد تجاوزت نسبة مقاطة الامتحانات 90% وفق ما أكدته اللجنة الوطنية لطلبة الطب، طب الأسنان والصيدلة بالمغرب.

وقالت اللجنة إن هذه النسبة، التي بلغت 94% بجميع كليات الطب والصيدلة العمومية بالمغرب، صدرت بناء على نتائج الجموع العامة التقريرية والتصويت الوطني، كـ«تأييد للإرادة الطلابية القاضية بالاستمرار في المقاطعة، ردا على مجموع القرارات التعسفية التي لم يتم التراجع عنها ومواصلة الابتزاز عن طريقها».

تحرير من طرف حفيظ الصادق
في 15/09/2024 على الساعة 12:01