الطابعات 3D.. خطر ثلاثي الأبعاد!

DR

في 05/04/2016 على الساعة 18:24

قبل حوالي ثلاث سنوات بالضبط، نشر "جهادي افتراضي" على أحد المنتديات المقربة من تنظيم "القاعدة" مزايا الطابعات ثلاثية الأبعاد وقدرتها في تصنيع الأسلحة. بعدها بأسابيع قام طالب يدعى كودي ويلسون بتنزيل رسالة الجهادي على أرض الواقع. القصة بمجملها قديمة، لكن الجديد أن هذه الطابعات أصبحت تسوق بالمغرب !

منذ بضع سنوات يشهد سوق الطباعة ثلاثية الأبعاد ازدهارا كبيرا عبر دول المعمور، حيث يبلغ رقم معاملاته سنويا ما لا يقل عن مليار ونصف مليار دولار، فيما يتوقع أن تبلغ إيرادات هذه السوق في غضون أقل من سنتين أكثر من 16 مليار دولار، بحسب دراسة قامت بها مؤسسة كاناليس العالمية.

هذه الفورة في سوق الطابعات ثلاثية الأبعاد يوازيها قلق من استغلال هذه التقنية في نسخ السلع والتصاميم ما يقوض حقوق الملكية الفكرية، فيكفي تحميل نموذج من الأنترنيت لنحصل على نسخة حقيقية منه في غضون دقائق.

كيف تعمل الطابعة ثلاثية الأبعاد؟

تعتمد الطباعة ثلاثية الأبعاد على بناء أجزاء المنتج المطلوب طباعته عن طريق إضافة الطبقات الدقيقة فوق بعضها البعض حتى يتم تشكيل المنتج في صورته النهائية، وذلك بالتأكيد بعد رسمه على الكمبيوتر بصيغة الـ3D أو ما يسمى بالرسوم ثلاثية الأبعاد عن طريق برنامج الكاد CAD، وتتم الطباعة باستخدام مواد مختلفة، ويحدد عدد هذه المواد طبقا لنوع الطابعة وقوتها وتطورها، ويمكن أن تطبع الطابعة ثلاثية الأبعاد لمجسم باستخدام مادتين الأولى تكون لطباعة الجسم، والثانية تكون مادة هشة لطباعة الأجزاء الفارغة في المجسم يتم من ذلك تنظيفها منه بعد إتمام عملية الطباعة.

اختصار الوقت في عمليات البناء

عندما بدأت ثورة الطباعة ثلاثية الأبعاد لم يكن سوى مسألة وقت فقط حتى نصل لبناء مبان ثلاثية الأبعاد، فالطابعات بدأت بصناعة أشياء صغيرة مثل لعب الأطفال، قطع الشطرنج الصغيرة، وحتى السيارات، لكن الجديد عندما تمكن المخترع أنريكو ديني من ابتكار نظام بناء المباني الآلية.

تستخدم تلك الطباعة مزيجا من المواد المجمعة سواء كانت سائلة أو صلبة من رمال وغيرها، وتتمكن الطابعة التي يطلق عليها D-Shape من بناء مبنى كامل من طابقين كاملين مع الدرج، والنوافذ والأبواب والأعمدة، والجدران والأرضيات والقباب والتجاويف فقط باستخدام الرمال والرخام، والتي تؤدى في النهاية لنفس نتائج البناء العادية، بل تفوق متانتها وقوتها تلك المباني الخرسانية التقليدية.

ماذا عن المغرب؟

في المغرب، ومنذ حوالي ثلاثة أشهر شرعت شركة مغربية في تسويق الطابعات ثلاثية الأبعاد، لكن في نسخة محدودة التقنية لا تتعدى نسخ المجسمات الصغيرة من البلاستيك، ووضع لهذا الغرض سعر لا يفوق 2000 درهم لتسويقها.

الإقبال على هذا المنتوج في المغرب لم يصل إلى مستويات عالية، بسبب نوع الطابعات المعروضة أولا التي تبقى محدودة التقنية، مقارنة مع تلك التي تسوق بأوربا والتي لا يقل سعرها عن 1000 أورو، ويمكن أن يصل إلى 4000 أورو بحسب سعتها والمواد التي يمكنها نسخها، بحسب ما شرح أحد المكلفين بالتسويق لهذه الطابعات بالمغرب.

وقبل هذه الطابعات الموجهة للعموم، بيعت نسخ عديدة من طابعة "ريبليكاتور2" بسعر لا يقل عن 35 الف درهم، ويعتبر المهندسون المعماريون أول زبناء هذا النوع من الطابعات، الذي ساهم في تقليص كلفة إنجاز التصاميم من 6000 درهم بالطريقة القديمة إلى أقل من 750 درهم وهي كلفة المواد اللازمة لإنجاز تصميم ثلاثي الابعاد عبر هذه الطابعة.

لحد الساعة لم يسجل استعمال الطابعات ثلاثية الابعاد في أمور خطيرة كنسخ الأسلحة أو قرصنة التصاميم، لكن قبل سنة من الآن أمرت وزارة التربية الوطنية بموافاتها بتقرير مستعجل حول ملابسات مصادرة طابعة ثلاثية الأبعاد من مقر مؤسسة تعليمية بسلا، حينها برر الأمر بعدم الموافقة على تمكين تلاميذ شعبة علمية من استغلال تلك الطابعة باحتمال توظيف تلك الآلة في «أعمال إرهابية».

الآلة التي تم استيرادها من فرنسا بأكثر من 40 مليون سنتيم، وسلمت إلى تلاميذ ثانوية سلمان الفارسي للأقسام التحضيرية تخصص تكنولوجيا، رأت فيها وزارة التربية الوطنية أنها تشكل خطرا كبيرا على «الأمن العام»، وأن من قرر تزويد المؤسسات التعليمية بذلك النوع المتطور من الطابعات، يتجاهل طبيعة التهديدات الإرهابية.

الجانب المظلم

هذا الخوف الذي قد يبدو مبالغا فيه، يجد جوابه في ما أقدم عليه كودي ويلسون، حينما ابتكر طريقة فعالة لنسخ المسدسات، وكل ما نحتاج إليه حاسوب عادي، وشبكة إنترنت، ولفافة بلاستيك، ومسمار، وطابعة ثلاثية الأبعاد.

لا يتم الحديث عن المخاوف بشأن صناعة الأسلحة إلا إن كان ذلك خارج عن نطاق السلطة أما صناعة الأسلحة من قبل السلطات حول العالم فلا يثير أي غضاضه في نفوس القائمين عليها. من المؤكد أن تكون تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد قد استخدمت عسكريا لكن ما أثار المخاوف هو تمكن مجموعة غير ربحية تطلق على نفسها اسم "ديفينس ديستربيوتد" من تصنيع أول مسدس يد باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد، وأطلقت عليه اسم "ليبريتور" أو "المحرر"، الأمر الذي أثار مخاوف أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي.

مؤسس هذه المجموعة، هو طالب في قسم القانون في جامعة تكساس يدعى كودي ويلسون، قد أعلن ابتكاره أول مسدس يد مصنوع بالكامل باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد.

وجميع أجزاء المسدس الستة عشر مصنوعة من مادة البلاستيك الحراري الذي يتميز بصلابته، باستثناء مسمار معدني وحيد استخدم كـمكبس للمسدس، وتمت طباعته باستخدام طابعة ثلاثية الأبعاد. ويستخدم المسدس الرصاص العادي وطواحين رصاص متغيرة تبعا لنوع الذخيرة.

وتقنيا فإن هذا المسدس يضم مكونا إضافيا لم تتم طباعته، فقد أضافت المجموعة قطعة معدنية إلى جسم المسدس لجعله قابلا للكشف عنه في أجهزة الكشف عن المعادن تماشيا مع "قانون الأسلحة النارية التي لا يمكن الكشف عنها". وكانت المجموعة حصلت في مارس الماضي على رخصة للأسلحة النارية ليسمح لها بأن تكون مصنعا قانونيا للمسدسات مثل شركات الأسلحة.

وتثير طباعة مثل هذا المسدس مخاوف لدى كثيرين، إذ إن وصول ملف التصميم الثلاثي الأبعاد للمسدس (كاد) إلى الإنترنت سيتيح لكثيرين تحميله، وبالتالي سيتمكن من يملك طابعة ثلاثية الأبعاد من إنتاج مسدس بلاستيكي بشكل قانوني أو غير قانوني، لا يوجد عليه رقم متسلسل، ولا يخضع لأي عقبات تنظيمية أخرى.

في 05/04/2016 على الساعة 18:24