بوعبيد، البالغ من العمر حوالي 45 سنة، بدأ اعتصامه بتاريخ 24 يونيو احتجاجا على ما وصفه بـ«الغموض الذي يلف وفاة والده، الجندي المتقاعد»، مطالبا بفتح تحقيق نزيه في ظروف الوفاة، وهو المطلب الذي اعتبره فاعلون حقوقيون مشروعاً في أصله، لكنه سرعان ما تطور إلى سلوك احتجاجي انزلق نحو الخطر.
وأفادت السلطات المحلية بإقليم بني ملال أنه تم، مساء أمس الجمعة، إنهاء الشكل الاحتجاجي الذي انخرط فيه شخص يبلغ من العمر حوالي 45 سنة، من خلال الاعتصام فوق خزان مياه مرتفع بالجماعة الترابية أولاد يوسف، وذلك بتسجيل قيام المعني بالأمر بالإلقاء بنفسه من أعلى الخزان واضعا حبلا على عنقه، لينقل إثر ذلك للمستشفى الجهوي ببني ملال، حيث يرقد حاليا بقسم العناية المركزة.
من احتجاج رمزي إلى مأساة واقعية
بدأت فصول القصة حين صعد بوعبيد إلى قمة خزان مائي مرتفع، مطالباً بفتح تحقيق فيما اعتبره « ظروفاً غامضة » أحاطت بوفاة والده الجندي المتقاعد. خلال أيام الاعتصام، رفع شعارات تُندد بـ« صمت الجهات المعنية » وتطالب بـ« الإنصاف والكشف عن الحقيقة»، وسط تضامن من نشطاء حقوقيين رأوا في تحركه السلمي آنذاك مطلباً مشروعاً.
لكن مع مرور الوقت، تحول الاعتصام إلى شكل احتجاجي خطير، إذ رفض بوعبيد التجاوب مع كافة محاولات الحوار، رغم تدخل السلطات المحلية بمعية أقاربه وممثلين عن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان، الذين سعوا لإقناعه بإنهاء الاعتصام والتوجه إلى القنوات القانونية لعرض قضيته.
احتجاز واعتداءات.. التصعيد الخطير
ليلة الجمعة 11 يوليوز، اتخذت الأمور منحى أكثر تعقيداً، حين ادّعى بوعبيد تعرضه لوعكة صحية، ما دفع عنصريْن من الوقاية المدنية إلى محاولة الوصول إليه لتقديم الإسعافات. لكنه باغتهما بتصرف صادم، إذ قام باحتجاز أحدهما داخل الخزان واعتدى عليه بقضيب معدني، ثم دفعه من أعلى الخزان، مما أسفر عن إصابته بكسور خطيرة استدعت تدخلاً جراحياً عاجلاً، وفق ما أكدته مصادر طبية.
الواقعة استنفرت تدخلًا أمنيًا عاجلًا، حيث حاولت عناصر الدرك الملكي محاصرته وإنقاذه، غير أنه واصل المقاومة العنيفة، مستعملاً أدوات حادة وملقياً الحجارة في محيط الخزان.
وبعد ساعات من التوتر، أقدم على القفز من الأعلى، واضعًا حبلًا حول عنقه، في مشهد أثار صدمة الحاضرين.
تدخل احترازي وتدخل قضائي
تمكنت فرق الإنقاذ من التخفيف من حدة السقطة بفضل وضع سجاد هوائي ممتص للصدمات أسفل الخزان مسبقًا، ما ساهم في تقليص خطورة الإصابات، إلا أن بوعبيد نُقل على وجه السرعة إلى المستشفى الجهوي ببني ملال، حيث وُضع تحت العناية المركزة، مصاباً بكسور حادة على مستوى الساق والكتف. ولم تُعلن الجهات الطبية حتى الآن عن حالته الصحية الدقيقة.
وفي المقابل، فتحت مصالح الدرك الملكي بحثاً قضائياً تحت إشراف النيابة العامة المختصة، لكشف ظروف وملابسات الحادث، لاسيما الاعتداء الخطير على عنصر الوقاية المدنية، ومحاولة القتل، واحتجاز موظف أثناء أداء مهامه.



