وأوضح أن قضية تمكين المرأة « شهدت تطورا مستمرا في عمليات إشراكها في آليات صنع القرار والتدبير السياسي، ما ترجم في عدد من القرارات/الأوراش الوطنية التي شكلت مكسبا مهما في العديد من المجالات السياسية والاجتماعية واقتصادية والثقافية بالمغرب. وان نستحضر الإعلان الملكي في خطاب العرش لسنة 2022، ان بناء مغرب التقدم والكرامة لن يتم إلا بمشاركة جميع المغاربة، رجالا ونساء، في عملية التنمية التي تستلزم ضرورة المشاركة الكاملة للمرأة المغربية، في كل المجالات ».
وأضاف أنه « بفضل الرؤية الملكية المتبصرة استطاعت بلادنا ان تتميز بإصدار مدونة شاملة للأسرة اعتبرت محطة بارزة في تاريخ المسار التشريعي للمرأة وامتدادا منها الى كل مكونات الاسرة المغربية، كما نستحضر الرسالة الملكية السامية الموجهة الى رئيس الحكومة، والتي تتعلق بإعادة النظر في مدونة الأسرة، تعزز مسارات الاصلاح والتطور التشريعي المستمر الدي قاده الملك أفقيا وعموديا بالدولة، مكن المرأة من أن تكون شريكا محوريا في عملية ترسيخ الديمقراطية وتحقيق التنمية المستدامة وبناء المغرب الحديث ».
وأوضح السعيد « أن تكريس المساواة بين المرأة والرجل، في الحقوق والواجبات، تعزز فعليا بالتنصيص على أجرأة مبدأ المناصفة في كل تجلياتها المجتمعية، كهدف اساسي تسعى الدولة إلى تحقيقه، وأيضا ما تحقق من اصلاح تشريعي شمل قانون الجنسية الذي ضمن حقوق المرأة ومنح الجنسية لزوجها وأطفالها الأجانب، بالإضافة إلى إشراكها في ولوج مهن عديدة كانت فيما مضى حكرا على الرجل، في مختلف القطاعات والمجالات الحيوية منها تمكين النساء السلاليات من الاستفادة من نصيبهن في أراضي الجموع، وكذلك في الحياة السياسية والتدبير المؤسساتي ».
ويشدد أستاذ القانون العام والعلوم السياسية، والمحلل السياسي على « أن دستور 2011، الذي يعد البناء الدستوري المحوري للإصلاح الشامل للترسانة القانونية والتشريعات الوطنية، شكل لبنة أساس في مسار تميز المرأة المغربية، ساهم في تدعيم طموحها في بلوغ مكانتها التي تستحقها، لاسيما وما أحدثته الوثيقة الدستورية من تحولات شاملة في البناء الحقوقي وفي مجال مؤسسة ودمقرطة المساواة بين الجنسين في جميع الحقوق، وتنصيصه على مبدأ المساواة بين الجنسين الذي جعل الرجل والمرأة يتمتعان على قدم المساواة بالحقوق والحريات الواردة في الفصل 19، الذي نص على أن يتمتع الرجل والمرأة على قدم المساواة، بالحقوق والحريات المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والبيئية، بالإضافة مجموعة من القوانين التي دعمت تحقيق مبدأ المناصفة، زيادة على اقرار مجموعة من المؤسسات الدستورية نذكر من بينها الهيئة المكلفة بالمناصفة ومحاربة جميع أشكال التمييز ضد المرأة كمؤسسة دستورية بالبلاد ».
ومضى يقول: « إن دور المؤسسات الدستورية، المعنية بحقوق الأسرة والمرأة، وتحيين الآليات والتشريعات الوطنية، للنهوض بوضعيتها، دافعة المزيد من سبل تقوية حضور المرأة الريادي والفعال في كل المؤسسات سواء داخل الهيئات السياسية أو المرتبط بالعمل الميداني بنسيج المجتمع المدني، وفي التدبير الإداري بالإدارات العمومية والجماعات الترابية وباقي المؤسسات والمنظمات بالقطاع الخاص، بغية ضمان اعلى درجات الاشراك الميداني في الدولة، هذا السعي لم يكن يتعلق بمنحها امتيازات مجانية؛ وإنما بإعطائها حقوقها القانونية والشرعية في مغرب ضامن لتمتع المرأة من حقوقها.
إن العناية التي ما فتئ، جلالة الملك، يوليها للنهوض بقضايا المرأة وللأسرة بشكل عام، تعكس مسارا إصلاحيا متجددا متعدد الجوانب القانونية خدمة لقضايا إنصاف المرأة، هدفه الارتقاء بمكانتها في المجتمع، بغية تحقيق التنمية المستدامة وتسريع عجلة الاقتصاد وتقوية النسيج المجتمعي. كل هاته المحطات وأخرى عديدة جعلت المغرب بفضل الجهود الملكية الحثيثة يعتبر اليوم سواء المستوى القاري أو الوطن العربي البلد الحريص كل الحرص على تنمية قدرات المرأة، باعتبارها نواة مركزية في عملية تنموية تمتد منها الى كل مكونات المجتمع ككل ».
وأضاف المتحدث أن « ورش النهوض بقضايا المرأة، ومشاركتها الفعالة في العديد من مناحي الحياة العامة، حضي باهتمام ملكي خاص، وبفضله تبوأت المرأة مكانة فريدة ومرموقة في كافة قطاعات الدولة، وتمكنت من الريادة العربية والقارية والدولية وأضحت نموذجا فريدا يحتذى به في مجال التنمية البشرية ».
وربط عتيق السعيد بين تطور المجتمع وتطور الترسانة القانونية والتشريعية مشيرا إلى « عملية تحيين القوانين التي جعلت بلادنا على مدار سنوات طويلة تدعم مكانة المرأة في تقلدها مناصب مختلفة، برهنت من خلالها على تميزها المشهود له وطنيا وعربيا، وبالتالي تحقيق هاته الإنجازات وغيرها لصالح المرأة، هي ثمرة الرؤية الملكية المستنيرة والحرص الملكي الدائم على تعزيز سبل تمكينها في مختلف المجالات، وجعل النساء يتمتعن بجميع الحقوق والحريات التي ترفع عنهن الهشاشة والفقر، تشجيعا وتحفيزا لمشاركتهن الفعالة في مسلسل اتخاذ القرار وانخراطهن الجاد في تدبير الشأن العام والسير قدما للمساهمة في تنمية البلاد ».
وختم بالقول: « إن بلادنا شهدت بفضل الرؤية الملكية تبني الآليات الناجعة والفعالة لتشجيع المرأة للحصول على حقوقها العادلة والمشروعة إسوة بنظيرها الرجل، مكنت من تحقيق مبادئ المناصفة والعدل والمساواة التي كرسها دستور 2011 والمواثيق الدولية، كما شكلت أهم الركائز الأساسية لبناء مجتمع متماسك لعبت من خلاله المرأة دورا أساسيا في بناء تنشئة الجيل القادم »
إن المغرب راهن على أدوار المرأة المتعددة في المجتمع، وحصيلة المبادرات والأوراش الوطنية تبرهن على أن الإنجازات التي تحققت على كافة الأصعدة فاقت التوقعات، من جهة، ومن جهة ثانية وفرت آليات متينة لتجاوز التحديات التي كانت مطروحة، كما مكنت من الوصول إلى مستويات ريادية جعلت العالم يشهد بما تحقق بالمغرب بشكل عام وللمرأة المغربية بشكل خاص من مكاسب ومراتب عالية، والمضي قدما في توطين دعائم تنمية بشرية عادلة ومستدامة ».