جاء هذا الإعلان التاريخي عقب تصويت أجراه خبراء الاتحاد الدولي خلال مؤتمر انعقد في بانكوك بتايلاند يوم 8 أبريل 2025، ليضع حدا لعقود من اللبس وسوء الفهم الذي أحاط بهذا المرض الغامض.
وتشير التقديرات إلى أن النوع الخامس من السكري يصيب ما يقارب 25 مليون شخص حول العالم، ويتركز بشكل خاص في الدول ذات الدخل المحدود، حيث يعاني عدد كبير من الشباب النحفاء من تراجع حاد في قدرة البنكرياس على إنتاج الأنسولين، نتيجة خلل يصيب خلايا « بيتا » المسؤولة عن إفراز هذا الهرمون الحيوي.
علقت البروفيسورة ميريديث هوكينز، أستاذة الطب في كلية ألبرت أينشتاين، على الاعتراف الجديد بقولها: « لقد عانى هذا النوع من السكري طويلا من التهميش والتشخيص الخاطئ، وغالبا ما كان يفترض خطأ أنه النوع الأول، بسبب النحافة وصغر سن المصابين، غير أن علاجهم بالأنسولين لم يكن فقط غير نافع، بل في كثير من الحالات كان خطرا على حياتهم ».
وأضافت: « منذ عام 2010، بدأنا دراسة هذا المرض عبر معهد أينشتاين العالمي للسكري، وفي عام 2022 استطعنا إثبات أنه يختلف جذريا عن النوعين الأول والثاني، مما غير تماما طريقة تعاملنا معه ».
وفي الاتجاه ذاته، حذر البروفيسور نيهال توماس، أستاذ الغدد الصماء بكلية الطب المسيحية في الهند وأحد أعضاء فريق العمل المكلّف بدراسة هذا النوع، من أن العلاج الخاطئ بالأنسولين قد يؤدي إلى انخفاضات حادة وخطيرة في مستوى السكر في الدم، قد تكون قاتلة، مشيرا إلى أن الخلل الأساسي يتمثل في ضعف قدرة خلايا البنكرياس على إنتاج الأنسولين، وليس في مقاومة الجسم له كما في النوع الثاني.
يعود المرض، بحسب ما أكده الباحثون، في كثير من حالاته إلى عوامل وراثية، إذ أن الطفرة الجينية المسؤولة عنه يمكن أن تنتقل بنسبة تصل إلى 50% من أحد الوالدين إلى الأبناء. ويبدأ عادة في سن المراهقة أو في أوائل العشرينات، وقد كانت أولى الحالات الموثقة منه قد ظهرت في جامايكا سنة 1955، قبل أن يصنف لاحقا بشكل مؤقت من قبل منظمة الصحة العالمية في الثمانينات تحت اسم « السكري المرتبط بسوء التغذية »، ليسحب هذا التصنيف سنة 1999 نظرا لغياب الأدلة الكافية آنذاك.
ويشكل هذا الاعتراف العلمي دعوة صريحة للمجتمع الطبي لتطوير بروتوكولات علاجية مخصصة لهذا النوع، خاصة أن الكثير من المصابين به لا يعيشون لأكثر من عام بعد تشخيصهم، بسبب غياب علاجات فعالة. وتشير الدراسات الأولية إلى أن النظام الغذائي الغني بالبروتين والمحدود في الكربوهيدرات، مع تعويض العناصر الغذائية الدقيقة المفقودة، قد يكون مدخلا علاجيا واعدا، لكن هذه الفرضيات لا تزال بانتظار المزيد من الأبحاث والتجارب السريرية لتأكيد فعاليتها.



