ونظرا لتدني خدمات قطاع النظافة بالمدينة، تحولت مجموعة من الأحياء في مختلف مقاطعات المدينة لنقط سوداء، تأوي أكواما من الأزبال والنفايات، وتضر بجودة الحياة اليومية للسكان، ما أثار موجة غضب واستياء عدد من فعاليات المجتمع المدني، التي دقت ناقوس الخطر بالمدينة، منذرة بكارثة بيئية مرتقبة، وتهديدا أكبر للصحة العامة.
كاميرا Le360، وثّقت، خلال جولتها، مشاهد كارثية ومقززة، حيث النفايات متكدسة، حاويات مهترئة، شوارع متسخة، ودخان في كل مكان، وأبواب المنازل تستقبل أصحابها بأكوام من الأزبال، وهي السمات التي باتت تطبع مختلف مقاطعات مدينة فاس، التي دخلت مرحلة النزيف الذي لا يمكن الحد منه أو السيطرة عليه.
وأمام حلول فردية زادت الوضع سوءً، قام بعض السكان بإضرام النار في الأزبال المتراكمة، مخلفين بذلك دخانا يهدد رئة العابرين، خاصة الأطفال وكبار السن وأصحاب الأمراض التنفسية، معبرين بذلك عن استيائهم لما آل إليه تدبير قطاع النظافة بمدينة فاس.
شركة «أوزون»، التي عمّرت لسنوات، أظهرت في الشهور الأخيرة أنها عاجزة عن تدبير القطاع، نظرا لاهتراء أسطولها وتحول محيط الحاويات في جل الأحياء إلى مزابل عشوائية، وغياب الشاحنات الكافية، بالإضافة للنقص في اليد العاملة، وغياب التكنيس عن الشوارع، وهي من بين الأسباب التي جعلت فاس تغرق في الأزبال.
وأشار علي لقصب، عضو بجماعة فاس، في تصريح لـLe360، أن قطاع النظافة بالمجلس الجماعي لفاس ومقاطعاته يعيش حالة ارتباك وفوضى منذ شهور عديدة، الأمر الذي أثر على سير عمل جمع هذه النفايات من قبل العمال بجل أحياء المدينة، حيث تظل الأزبال متراكمة ليومين أو أكثر في بعض الشوارع والأزقة، خصوصا بمنطقة سايس وبنسودة وزواغة، دون أن تحل شاحنات عمال النظافة لجمعها ونقلها إلى المطرح، متجاهلة ما تخلفه من روائح كريهة، ومنظر مشين، وما تسببه من إزعاج للسكان وللمارة.
وأشار المتحدث ذاته إلى أن مسؤولية إغراق فاس في الأزبال وتأثيث شوارعها ومداخلها بأكوام مشتتة يرجع بالدرجة الأولى إلى سوء تسيير مجلس جماعة فاس، حيث المدينة تتخبط في مشاكل تدبيرية، خاصة في ما يتعلق بقطاع النظافة وكذلك قطاع النقل الحضري، الذي عجز المجلس الجماعي، منذ تأسيسه، عن حله رغم الوعود التي قدمها للساكنة، كذلك في غياب مشاريع لهيكلة قطاعات حيوية أو العمل على تجديد البنيات التحتية.
وأضاف ذات المتحدث أن «مجلس جماعة فاس غارق في المشاكل التدبيرية لعدد من الملفات الحيوية، على رأسها قطاع النظافة، وذلك راجع لتأخره غير المبرر في ما يرتبط بإطلاق الصفقات لانتقاء شركات جديدة، حيث الأزبال أصبحت تتراكم بشكل خطِر، ما يهدد واقع الوضع الاجتماعي والاقتصادي والتجاري، بمدينة تسير إلى مستقبل غامض وتقبع في أزمة تنذر بهدوء يسبق العاصفة.
صفقة جديدة للنظافة بفاس:
أمام هذا العجز الحقيقي الذي تواجهه فاس في مواجهة «تسونامي» النفايات واهتراء أسطول الشركة وغياب المعدات، دخل مجلس جماعة فاس في العد العكسي، بداية شهر غشت المنصرم، وقرر تلقي الأظرفة وفتح الصفقة من جديد، وهو القرار الذي كان موضوع الاجتماع المختلط الذي دخل في دراسة ملفات الشركات المنافسة، والتي وصلت إلى خمس شركات.
طلب العروض هذا اقتضى اختيار شركتين مختلفتين، الأولى مكلفة بفاس 1، التي تضم مقاطعة فاس المدينة ومقاطعة جنان الورد والثانية فاس 2، التي تشمل باقي المقاطعات الأربع: أكدال، المرينيين، زواغة، وسايس.
في وتصريح لـLe360، أكد عمدة مدينة فاس، عبد السلام البقالي، أن مراحل الفوز بهاته الصفقة قد وصلت أشواطها الأخيرة، حيث درست اللجنة المختلطة لملفات الشركات المنافسة، التي تتوفر على جميع الوثائق القانونية للمشاركة في العرض، وأنها ستكشف، يوم الثلاثاء المقبل 24 شتنبر، في دورة استثنائية للجماعة، عن الشركتين الجديدتين اللتين سيظفران بتدبير قطاع النظافة بمدينة فاس، ملتزما أنهما سيكونان في مستوى تطلعات المواطن الفاسي وما ينتظر المدينة من تحديات ورهانات مستقبلية.
فمن يا ترى سيكون الأجدر بتدبير هذا القطاع الحيوي بالعاصمة العلمية، سيما وأن المدينة مُرشّحة لتنظيم تظاهرات رياضية دولية من الطراز العالي، ككأس إفريقيا 2025 وكأس العام 2030؟ وهل سيلتزم المجلس الجماعي بتحمل مسؤوليته أمام الساكنة، والدفع بالقطاع إلى تدبير واقعي أفضل؟