بداية الرحلة
التحق سفيان بتنظيم "الدولة الإسلامية"، في بداية يونيو 2014، بعدما أوهم والدته بأنه ذاهب في رحلة إلى بريطانيا ليفاجئها وهو على متن الطائرة: "أمي، أنا آسف لقد كذبت عليك، أنا مسافر إلى تركيا"، لتتيقن الأم آنذاك أن ابنها اختار الطريق نفسها التي سلكها أخوه يوسف البالغ 22 سنة، والذي التحق أيضا بتنظيم "داعش"، قبل أربعة أشهر من سفر سفيان.
وصولا إلى شمال تركيا، سيتمكن سفيان من عبور الحدود السورية التركية بمساعدة "سمسار"، كلفه 1000 أورو.
سقوط القناع
المدة التي قضاها سفيان بين ظلال ما يسمى بتنظيم "داعش"، فالجماعة التي تتبجح بتطبيق شريعة الله فوق الأرض والعدل، إنما هي "دولة"، تمارس كل أشكال للامساواة وللاعدل.
يكشف سفيان: "ما أزعجني كثيرا هو الظلم اليومي، فمثلا عندما تبحث عن شقة في الأراضي التابعة لتنظيم "داعش"، يضعونك في لائحة انتظار، فيما أمير المنطقة الذي تحوم حوله النساء، يحصل على بيت كبير، في حين أن شاب فرنسي مثلي حديث بالدين والتجنيد وتركت بلدي من أجلهم، لا أحصل على شيء، وأنام في أماكن متعفنة".
يقول سفيان إنه لم يأت إلى الأراضي السورية قصد القتال، "لا أحب أن اتلقى تداريب عسكرية، ولست الوحيد، فهناك العديد من الملتحقين "بداعش" لا يقاتلون في المعارك، لم اشارك في أي معركة، لأن زوجتي حامل وكنت أفضل البقاء معها طوال الوقت".
من الذكريات السيئة التي يحتفظ بها، خلال تواجده في التنظيم، تعود لخريف 2014، عندما سقطت قذيفة لقوات التحالف الدولي ضد"داعش" على بعد 5 أمتار من المكان، الذي كان ينام فيه، وتسبب في مقتل عدد من رفاقه، وكلفته إصابات بليغة على مستوى ظهره، وزكت بداخله احساس الهروب من "داعش" وأن الموت في سيبل "دولة الإسلامية" لم يعد هدفا بالنسبة له.
يعود سفيان إلى واقعة قتل الطيار الأردني، معاذ كساسبة، وما خلفته من ألم في نفسيته، "قطع يد سارق أو ذبح خائن يمكن تقبله، لكن حرق طيار داخل قفص وهو حي أمام الكاميرات، بصدق تعرضت لصدمة، لم أكن مرتاحا لما وقع، قرأت في القرآن لله وحده المقدرة على معاقبة الآخرين بالنار".
لحظة الخلاص
نهاية شهر مارس الماضي، وبعد أسابيع من التفكير يقرر سفيان الهرب رفقة زوجته الحامل آسيا. رسم خطة "الهروب الأكبر" كلفته ليلة بيضاء من التخطيط، ليفتح عينيه في السادسة صباحا ويجمع بعض مستلزماته ويبدأ رحلته رفقة زوجته الحامل في شهرها السابع، تركا وراءه رفاقه في التنظيم وسلاحه.
الرحيل من مدينة الرقة لم يكن سهلا، توجها الزوجان إلى شمال سوريا حوالي 8 ساعات، حيث كان عليهما الهروب من قوات التنظيم الذين يلاحقون "الخون" أو الهاربين من لهيب "داعش"، ليصلا إلى الحدود التركية حيث استطاعا العبور سرا إلى مدينة "أورفا"، من بعدها إلى إسطنبول، حيث سيقوم سفيان بزيارة السفارة الفرنسية للحصول على معلومات تمكنه من الرجوع إلى بلده إلا أنه سيطلب منه الرجوع في اليوم الموالي.
الصحفية تقول إنها لم ترى سفيان منذ فاتح أبريل الماضي، وأن الشرطة التركية اعتقلته رفقة زوجته "آسيا"، ليتم وضعه في مركز للاحتجاز المهاجرين السريين، حيث سيتم فيما بعد ترحيلهما إلى فرنسا حيث على الأرجح تنتظرهما عناصر من الإدارة العامة للأمن الداخلي.
سيوضع سفيان فيما بعد رهن الاعتقال في "فرين"، ضمن وحدة تم إنشائها في أكتوبر 2014، وهي تجمع حوالي 30 موقوف متهمون في قضايا الإرهاب. في حديثه مع والدته يكشف سفيان أنه يقضي يومه في السجن بين المكتبة والبحث العلمي، والتكوين المهني.
زوجته "آسيا" كان حظها أفضل حالا من زوجها، فهي غادرت السجن في 20 يوليوز الماضي.