من طرائف جمهورية سلا ان يحكمها حكام من غير المغاربة، يتحولون الى من المسيحية الى الإسلام، ويمارسون نشاط ما كانوا يطلقون عليه الجهاد البحري، من أبرز تلك الوجوه القرصان الهولندي جان جانسون، الذي حكم سلا بعد ان نصبه مجلس ديوان سلا، أدميرال على الجمهورية، وقاد عدة غزوات في بلاد الانجليز ووصل مدى عملياته الى آيسلاندا، وكان من بين اسراه نبلاء أوروبيين، ووزراء لبعض الأقطار الأوروبية. نسلط الضوء في جزئيين على شخصية جون جانسون، الذي عرف لاحقا بالرايس مراد، والذي كان أول رئيس لجمهورية القراصنة بسلا في ظل استقلالها خالفا إبراهيم بارغاس الذي قاد الجمهورية في ضل الحكم الذاتي تابع للدولة السعدية.
ولد جون جانسون حوالي سنة 1575 بمنطقة هارلم بشمال هولاندا، ترعرع بها، وعندما اشتد عوده تزوج من فتاة هولاندية ورزق منها بأولاد.
حوالي 1600 أصبح جون جانزون تاجرا بحارا، يتنقل بين موانئ المتوسط. تزوج جون امرأة الثانية بقرطجنة بإسبانيا، والتي يرجح انها كانت من المدجنبن المسلمين، بعد طرد الموريسكيون والحرناشيون من اسبانيا انتقلت عائلة جون من قرطجنة الى مدينة سلا رفقة باقي المرحلين.
اعتقل جون جانزون في جزيرة لانزاروت من طرف القراصنة، ليقتاد الى الجزائر العاصمة، حيث أصبح هو نفسه قرصانا، متخذا من العاصمة الجزائر قاعدة لعملياته البحرية، اعتنق جون الإسلام وعمل مع القرصان الهولندي الأصل أيضا، سليمان فان بوير المعروف بسليمان الرايس والذي ترك أعالي البحار في السنة نفسها، بعد إصابته بقذيفة مدفعية، تاركا رياسة السفينة لـجون جانزون، الذي أصبح يسمى بسليمان الرايس.
لم يعمل جون جانسون على حماية السفن الهولندية كما كان يفعل سليمان الرايس من قبل، وكان يهاجم السفن الاسبانية تارة بالعلم الهولندي، وتارة أخرى بالعلم التركي الاحمر ذو الهلال.
أجبر اتفاق السلام المبرم بين السلطات العثمانية بالجزائر وبعض الدول الأوروبية سنة 1619 والرامي الى عدم مهاجمة الجزائر لسفن هذه الدول، جون على الانتقال الى سلا وفتح دكان للتجارة هناك. في نفس السنة أعلنت سلا جمهورية للقراصنة، شبه مستقلة عن السلطة المركزية للدولة السعدية بعد خلافات ضريبية مع السلطان زيدان الناصر، لتصبح سلا مركزا لانطلاق غزوات القراصنة.
يتبع في الحلقة القادمة