ولم تكن سجون البلاد في منأى عن هذا المرض، بعد أن أعلنت المندوبية العامة لإدارة السجون خلال الأيام الماضية عن رصد أكثر من 79 إصابة تتوزع على عدد من المؤسسات السجنية على صعيد المملكة، تم تسجيلها في صفوف الموظفين والنزلاء، فيما تم تطويق هذه الحالات واتخاذ جميع الإجراءات والتدابير الوقائية والعلاجية المنصوص عليها في البروتوكول الصحي الذي وضعته وزارة الصحة والحماية الاجتماعية في هذا الشأن، بمجرد رصد الأعراض الخاصة بالحصبة في صفوف الوافدين الجدد من السجناء.
وفي ظل هذه الوضعية الوبائية، استنفرت وزارة الصحة والحماية الاجتماعية مصالحها لمحاصرة البؤر والتصدي لانتشار المرض وحماية الصحة العامة، إذ أطلقت منذ 27 من أكتوبر الماضي حملة وطنية واسعة لمراجعة واستدراك تلقيح الأطفال أقل من 18 سنة، بتعاون مع وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة، ووزارة الداخلية، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، بالإضافة إلى شركاء محليين آخرين.
وفي هذا الصدد، كشفت شفيقة غزوي، مسؤولة وحدة التواصل والإعلام بالمديرية الجهوية للصحة والحماية الاجتماعية بجهة فاس مكناس، أن هذه الحملات التحسيسية المنظمة تحت شعار « صحتكم مسؤوليتنا »، تأتي في سياق الحملة الوطنية التي أطلقتها وزارة الصحة والحماية الاجتماعية من أجل التحقق واستكمال التلقيح ضد « بوحمرون »، تروم توعية الآباء بأهمية التلقيح كأفضل وسيلة للوقاية والحماية من الأمراض الخطيرة، وبضرورة اتخاذ الاجراءات الوقائية اللازمة من أجل تحقيق المناعة الجماعية.
وعزت المتحدثة في تصريح لـle360 أسباب ارتفاع حالات « بوحمرون » إلى ضعف نسب التلقيح وتراجعها، خصوصا بعد تفشي جائحة « كورونا »، التي كان لها أثر سلبي على معدلات التغطية بالتلقيح في معظم أقاليم وجهات المملكة، حيث أصبحت البلاد تعيش مع ما بات يعرف بـ »التردد اللقاحي » ما أدى إلى تراخي المراقبة الوبائية للأوبئة الأخرى كالحصبة وأمراض الأطفال، و أعطى الفرصة لمرض بوحمرون للانتشار بمضاعفات خطيرة.
أما بخصوص الأعراض فقد تتمثل في الحمى وسيلان الأنف واحمرار العينين والسعال والتهيج، ثم طفح جلدي أحمر في جميع أنحاء الجسم، وقد تؤدي في الحصبة في بعض الأحيان إلى مضاعفات خطيرة كالتهاب الرئتين، التهاب الدماغ، الإسهال المزمن، حيث يمكن للمصاب نقل العدوى ل 16 إلى 20 شخصاً آخرين من حوله عن طريق التنفس أو السعال أو العطس، وبشكل غير مباشر عن طريق اليدين والأسطح الملوثة بالفيروس.
وقالت المتحدثة ذاتها، إن المندوبية تسعى من خلال هذه الحملة التي تتواصل إلى غاية متم شهر يناير الجاري، إلى استدراك تلقيح جميع الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 18 سنة، داعية في هذا الصدد، كافة الآباء والأمهات وأولياء الأمور إلى الانخراط الفعال والتوجه للمراكز الصحية لأخذ اللقاح المتوفر مجانا لبلوغ الأهداف المسطرة وتلقيح 95% من الأطفال الغير ملقحين.
من جهته، أكد محمد والي علمي، مسؤول عن خلية اليقظة الوبائية بمندوبية الصحة والحماية الاجتماعية لجهة فاس مكناس، أن الوضعية الوبائية على مستوى الجهة مستقرة، وأوضح أن الوقاية الكاملة من المرض تتطلب الحصول على جرعتين من اللقاح، الجرعة الأولى في الشهر التاسع، والجرعة الثانية في الشهر 18، مشيرا إلى أنه في حال عدم تلقي التلقيح في الوقت المحدد، يمكن تدارك ذلك بالتوجه إلى أقرب مركز صحي، باستثناء النساء الحوامل أو اللاتي يخططن للحمل خلال الأسابيع الموالية للتلقيح، والأشخاص الذين عانوا من رد فعل تحسسي شديد لجرعة سابقة من التلقيح، وكذا الأشخاص الذين يعانون من ضعف شديد في جهاز المناعة.
وشدد في الختام، على ضرورة انخراط جميع الفاعلين من مجتمع مدني وأولياء الأمور والمسؤولين في الجماعات الترابية، في مثل هذه المبادرات الرامية إلى التحسيس بأهمية التلقيح باعتباره السبيل الوحيد الذي من شأنه حماية الأفراد والمجتمع من الأمراض.