وكانت قد انطلقت، اليوم الخميس، بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء، ثاني جلسة لمحاكمة سعيد الناصري، رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء ورئيس نادي الوداد الرياضي السابق، وعبد النبي بعيوي، رئيس مجلس جهة الشرق، إلى جانب متهمين آخرين، وذلك على خلفية متابعتهم في ملف «إسكوبار الصحراء»، قبل أن تُصدر الهيئة القضائية قرار التأجيل، بغية منح مزيد من الوقت للدفاع من أجل الإعداد وتبليغ متهمين متابعين في حالة سراح، واللذين تخلفا عن الحضور للمرة الثانية.
وطلب رئيس الهيئة، القاضي علي الطرشي، من عضو دفاع المتهم عبد النبي بعيوي، محمد كروط، الحرص على تبليغ المتهمين اللذين تخلفا عن الحضور.
وخلال الجلسة، تقدم دفاع بعيوي، المحامي محمد كروط، بتنازل لإحدى المطالبات بالحق المدني، وهي الزوجة السابقة لرئيس مجلس الشرق، التي تقدمت بتنازل عن طريق المحامي لصالح المتهمين، عبد الرحيم وعبد النبي بعيوي.
هذه السيدة، كانت قد عملت، من تلقاء نفسها، على تقديم معلومات عن زوجها السابق ووالد أطفالها الثلاثة منه، عبد النبي بعيوي، من شأنها توريطه، حين اعترفت أثناء الاستماع إليها من طرف الفرقة الوطنية للشرطة القضائية بمعلومات «خطرة جدا»، حسب وصف مجلة «جون أفريك».
وأبرزت المجلة الفرنسية، التي كانت أول من فجّٓر هذا الملف الساخن، أن زوجة المتهم بعيوي السابقة، قالت إن طليقها زوّٓر صكوك توثيق من أجل سرقة عقارات «إسكوبار الصحراء»، المعروف بـ« المالي»، بما في ذلك الفيلا الفخمة في الدار البيضاء، والتي توجد حاليا باسم المتهم الثاني سعيد الناصري، رئيس فريق الوداد الرياضي البيضاوي، إضافة إلى العديد من الشقق في مارينا السعيدية.
وحسب «جون أفريك»، فإن إقدام طليقة بعيوي على الشهادة ضده، نابع من حجم الألم الذي تذوقته من الرجل القوي بجهة الشرق، وصل مرحلة الرغبة في الانتقام، لسبب لا تغفره سنوات العشرة، وشراكة الأطفال، مبينة نقلا عن مصدر مطلع، أن بعيوي اتهمها بالخيانة الزوجية، بعد حبكه لخطة وصفت بـ«الجهنمية»، اقترحها عليه صديقه سعيد الناصري.
وأبرز المصدر ذاته، أن بعيوي تعرف على طليقته الحسناء، واصفا إياها بأنها تنتمي إلى المجتمع المخملي الباريسي، حيث أغرِم بها، واستطاع إغواءها بأمواله، ونجح في الارتباط بها، لتمتد العلاقة لسنوات، كان الزوجة تنتقل خلالها بين فرنسا ووجدة والبيضاء، قبل أن يدب بينهما الخلاف، ويبدأ بعيوي التفكير في فك هذه العلاقة، لكنه كان أمام هاجس فقدان أطفاله الثلاثة منها، لحق الأم في حضانتهم.
واسترسل المصدر ذاته، بالكشف أن بعيوي فكر طويلا في هذه الأزمة، قبل أن يٓسُرّٓ في لحظة سمر، لرفيقه الناصري بمكنونات نفسه، فما كان من هذا الأخير، إلا أن اقترح عليه خطة جهنمية، للتخلص من الزوجة، دون تمكينها من حقوقها الشرعية، وأيضا فقدان حقها في الحضانة، في ضربة واحدة، وهو ما أثار بعيوي، ليسرد عليه الناصري تفاصيل الخطة، والتي تقوم على توريط الزوجة في قضية خيانة زوجية، وحبك فصولها بطريقة لا تستطيع معها الزوجة الخلاص، والسقوط في بئر السجن.
راقت الخطة للبعيوي، وسأل الناصري عن كيفية تنفيذها، حيث أخبره أن من سيقوم بدور العشيق موجود، وأنه مستعد للقبول بحوالي 30 مليون سنتيم، مقابل الدور، الذي قد يكلفه فقط بضعة أشهر من الحبس، ليتم الاتفاق على تفاصيل العملية، حسب رواية المصدر، وبالفعل بدأ التنفيذ، إذ جاء بعيوي رفقة زوجته للفيلا التي كان يملكها في حي كاليفورنيا، وقضيا ليلة بها، وفي اليوم الموالي غادر بعيوي الفيلا، وترك زوجته بها، بداعي ارتباطه بمواعيد عمل، على أن يعود لاحقا.
وبعد مغادرته بلحظات، عاد بعيوي مرفوقا بشاب، فتح له الباب حيث تسلل لداخلها، وغادر بعيوي المسرح بهدوء، قبل أن تقتحم فرقة أمنية الفيلا، وتجد الشاب شبه عار، بينما تفاجأت الزوجة بهذا المشهد، لتكتشف أنها ضبطت «متلبسة بالخيانة الزوجية»، خاصة بعد تصريح الشاب أنه اعتاد القدوم لمنزل «عشيقته» كلما كان زوجها غائبا، وهو الأمر الذي ترك الزوجة في حالة صدمة وانهيار، ورغم محاولتها نفي الرواية، إلا أن عناصر الجريمة كانت محبوكة بطريقة «جهنمية».
وأشار المصدر ذاته إلى أن الصراخ علا أمام الفيلا، وتم اقتياد الزوجة في سيارة الشرطة إلى مركز الأمن، حيث تم التواصل مع النيابة العامة وتقرر وضعها رهن الاعتقال الاحتياطي، مضيفا أن الأمور كانت تسير وفق الخطة التي رسمها الناصري لبعيوي، لكن متغيرا، قلب القضية رأسا على عقب، إذ أن صراخ الزوجة أمام الفيلا، أثار انتباه بعض سكان الحي الراقي، والذين أبدوا فضولا لاستجلاء الحقيقة، وكان من ضمن هؤلاء رجل يسكن بمواجهة الفيلا، مسرح الجريمة.
عاد الجار لكاميرا فيلته المقابلة لباب فيلا بعيوي، وفرغ محتواها، ليكتشف الحقيقة الصامدة، حيث شاهد الجار كيف دخل العشيق المزعوم برفقة بعيوي، والذي غادر لحظات بعد ذلك، وتركه مع زوجته، ثم عاين وجود سيارة الأمن في زاوية من الشارع تنتظر منذ فترة، لحظة المداهمة، ليسجل الجار المشاهد على قرص، واستطاع من خلال حارس الفيلا التعرف على شقيق الزوجة الذي سلمه القرص الفاضح.
وعلى الفور انتقل شقيق الزوجة لمركز الأمن وسلم القرص للمسؤول الأمني الذي أشرف على العملية، حيث صدم المسؤول الذي أسقط في يده، وعلى الفور تم ربط الاتصال بالناصري لوضعه في صورة الحقيقة الجديدة، والذي بدوره وضع بعيوي في الصورة، لتكون هذه الحادثة، هي نقطة الفصل التي قلبت الأمور، إذ هدت القضية من أساسها، وأصبح ملف التلبس بالخيانة الزوجية، والذي كان محبوكا في البداية، مفتقدا لكل أركانه، بفعل وجود القرص، وهنا كان لابد من البحث عن مخرج قبل انفجار الوضع لما لا يحمد عقباه.
وانتهت القصة، حسب المجلة الفرنسية، باكتشاف بعيوي أنه أضحى رهين فضيحة جديدة، فرضت عليه خسارة كبيرة بمئات الملايين طلبها منه الناصري من أجل أن يدفن كل تبعات هذه الفضيحة، والتي دفعها بعيوي خوفا من ارتداد تبعاتها عليه ليخرج خاسرا، وتنكشف الحقيقة التي خلصت الزوجة من شراك الخطة الجهنمية التي نسجها الناصري، وخرج منها رابحا ماديا، كما خرجت الزوجة من هذه الورطة.
وبالعودة إلى قضية «إسكوبار الصحراء»، فقد كان قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بالدار البيضاء قد أمر بإيداع سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، وآخرين، السجن المحلي عين السبع (عكاشة)، ومتابعتهم في حالة اعتقال، في قضية ما بات يُعرف إعلاميا بـ«إسكوبار الصحراء».
وتوبع المتهمون البارزون في هذه القضية بالتزوير في محرر رسمي باصطناع اتفاقات واستعماله، والمشاركة في اتفاق قصد مسك المخدرات والاتجار بها ونقلها وتصديرها ومحاولة تصديرها، والنصب ومحاولة النصب، واستغلال النفوذ من طرف شخص يتولى مركزا نيابيا.
كما سطرت النيابة العامة في حق بعضهم، وعلى رأسهم سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، تهما من قبيل حمل الغير على الإدلاء بتصريحات وإقرارات كاذبة عن طريق الضغط والتهديد، وإخفاء أشياء متحصل عليها من جنحة، وتزوير شيكات، وكذا جنحة محاولة تصدير المخدرات بدون تصريح ولا ترخيص والمشاركة فيها، وجنحة بيع وشراء عملات أجنبية بدون ترخيص من مكتب الصرف.
وتجدر الإشارة إلى أن الفضيحة كانت قد تفجّرت بعد اتهام الحاج إبراهيم المالي، الشهير بـ«إسكوبار الصحراء»، المعتقل في سجن الجديدة قبل نقله إلى سجن «عكاشة»، مجموعة من الشخصيات، ضمنها سعيد الناصري وعبد النبي بعيوي، بالاستيلاء على ممتلكاته العقارية.