نبدأ حلقاتنا من سلسلة جمهورية قراصنة أبي رقراق، بإحالة على رواية روبانسون كروزو التي الفها الكاتب الإنجليزي دانيال ديفور، وتم نشرها لأول مرة عام 1719. رواية تعتبر من السيرة الذاتية التخيلية، تعبر عن حلم الكثير من الشباب في العيش بعيدا عن ظلم العالم والبقاء في أحضان الطبيعة.
تتحدث الرواية عن شاب انجليزي يقوم برحلة بحرية في شهر سبتمبر من عام 1651 بالرغم من معارضة والديه، وأثناء الرحلة تتعرض باخرتهم لسطو من طرف قراصنة سلا، ليباع بعدها في أسواق النخاسة لجمهورية ابي رقراق، حيث سيستقر به المأل في مدينة فاس عبدا عند أحد سكانها قبل ان يهرب.
نتوقف عند هذا الجزء من الرواية، لنطرح السؤال حول ماهية جمهورية أبي رقراق أو جمهورية القراصنة كما كان يطلق عليها؟ كيف وجدت على جغرافية المغرب، كم دام هذا التواجد؟ وكيف اندثرت وأصبحت جزءا من التاريخ فقط.
هجرة الموريسكيين
إرتبط تواجد هذه الجمهورية بهجرة المورسكيين من أوروبا، وإسم المورسكيون أطلقه الإسبان على مسلمي غرناطة، قبل أن يطلقونه فيما بعد على كل مسلمي إسبانيا. غرناطة، الإمارة التي سقطت تحث الحكم الإسباني في أوائل عهد الوطاسيين، حيث إستمر المسلمون الذين كانوا يتمتعون بشيء من الحرية في أداء طقوسهم الدينية، طبقا للشروط التي عقدوها مقابل تسليم غرناطة للإسبان، الأمر الذي لم يستمر كثيرا، حيث عرف القرن السادس عشر ميلادي أفظع مظاهر الإضطهاد الديني الذي طال المسلمين، وإلى جانبهم اليهود وباقي الطوائف المسيحية، حيث كان التحمس للمسيحية يطغى عليه طابع التعصب المفرط ضد جميع الأمم، نتيجة لذلك احرق الملك فيليب الثاني حوالي عشرة الاف شخص في إسبانيا في ثمان عشرة سنة، كما أحدث محاكم التفتيش التي كان ضحيتها المسلمون الذين ألزموا بالدخول في المسيحية بعد ان أتهموا بالتآمر على الدولة، كما تركوا أخر ما كان يجمعهم بالعربية وهو الخط العربي الذي كانوا يكتبون به الاسبانية و اللهجة العامية.
تشبث مسلمي الأندلس بانتمائهم الديني وأرضهم بشكل عجيب، حيث قاد محمد بن أمية الذي يحتمل أن يكون من سلالة أمويي الأندلس، ثورة بضواحي غرناطة بجبل البوشرات، انتهت بعد أن اغتاله غدرا المسمى بن عبو لينفرد بإمارة المسلمين، الذين أصبحوا أكثر ضعفا وتشتتا، أد لم تسعفهم النداءات والإستغاثة بالدولة العثمانية التي كانت بدورها في حرب مع الإسبان في حوض البحر الأبيض المتوسط، ليجبروا على مغادرة أراضي الاندلس في هجرات متعاقبة فيما بين 1609 و1614، وكان معهم عدد كبير من اليهود.
تقاطر الموريسكيون على الأقطار الإسلامية، حيث وصلوا إلى الشام وتركيا، كما إستقبلت مناطق افريقيا الشمالية العدد الكبير منهم، إذ كونوا مراكز اختاروها للاستقرار بها نهائيا، حيث توجهت فئة منهم الى تطوان، التي كانت بها جالية اندلسية في عهد الوطاسيين، لتباشر نشاط القرصنة البحرية ضد الاسبان، وضد البرتغاليين المجاورين لها بسبتة وطنجة وأصيلا.
في نفس الوقت، وصل إلى ضفتي ابي رقراق العديد من الموريسكيين الذين قاموا بنشاط كبير في غزو البواخر الأجنبية.
تواجد الموريسكيين على الأراضي المغربية إستخدمه السعديون في جيوشهم المحاربة في بلاد السودان او على الأراضي المغربية، على الرغم من أنهم لم يقيموا على إخلاص دائم للدولة السعدية.