شبكة الدفاع عن الحق في الصحة: تراجع تصنيف المغرب دوائيا يعكس استمرار فوضى الأسعار في القطاع

علي لطفي رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة

في 23/12/2025 على الساعة 08:30

أعربت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة عن قلقها البالغ إزاء ما وصفته «بالنتائج الصادمة» لتقرير تدقيق صادر عن منظمة الصحة العالمية، وذلك عقب تراجع الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية على المستوى الإفريقي، الأمر الذي يضع المغرب خارج قائمة الدول المرجعية في صناعة الأدوية واللقاحات. واعتبرت الشبكة أن هذا التراجع يعكس استمرار «الاختلالات، وتغول اللوبيات، وفوضى الأسعار، وما يترتب عنها من استنزاف متواصل للقدرة الشرائية للمواطنين».

وأوضحت الشبكة في بلاغ لها أن نتائج تقرير تدقيق منظمة الصحة العالمية (OMS/GBT)، المتعلق بأدوات التنظيم في المجال الصحي وفق المعايير الدولية، والصادر بتاريخ 12 دجنبر 2025، كشفت عن ما وصفته «بإخفاق تاريخي» للمغرب في نيل مستوى النضج الثالث (ML3)، مع تخفيض تصنيفه في مجال الأدوية واللقاحات.

وأشارت الشبكة إلى أن التقرير، الذي هم الوكالة المغربية للأدوية والمنتجات الصحية، أظهر تراجع موقع المغرب على الصعيد الإفريقي، رغم الإمكانيات الهائلة التي جرى رصدها لهذا القطاع، مشيرة إلى أن هذا التصنيف الدولي يمنح شهادة الموثوقية للسلطات الرقابية الوطنية، وهو ما يضع المغرب، بحسب البلاغ، خارج خارطة الدول المرجعية في صناعة الأدوية واللقاحات.

«عجز مستغرب» لمجلس المنافسة

وأكد المصدر ذاته أن هذا التراجع لا يمكن اعتباره مجرد « كبوة تقنية »، بل يعكس «فشل السياسة الدوائية الحالية، ويكرس استمرار الاختلالات، وتغول اللوبيات، وفوضى الأسعار، وما يترتب عنها من استنزاف متواصل للقدرة الشرائية للمواطنين»، عبر أسعار أدوية تفوق في بعض الحالات عشرة أضعاف أثمنتها في دول المنشأ وبعض الدول الأوروبية ودول الجوار، في ظل ما وصفته الشبكة «بعجز مستغرب» لمجلس المنافسة عن كسر طوق الاحتكار.

ودقت الشبكة ناقوس الخطر بخصوص ما سمته « تصفية الرأسمال البشري »، مشيرة إلى هجرة قسرية لأكثر من 200 كفاءة علمية وتقنية من الوكالة، نتيجة « بيئة عمل طاردة »، وتعويض الخبرات المتراكمة بنظام التعاقد الذي يفتقر، حسب البلاغ، إلى الاستقرار المهني والسيادة المعرفية.

كما سجلت الشبكة أزمة حكامة واستقلالية، وتدهورا وصفته « بالمخيف » في المؤشر القانوني والرقابي للوكالة (1/5)، معتبرة أن ذلك يؤكد غياب استقلالية القرار التنظيمي وخضوعه لإكراهات إدارية تعيق الشفافية.

مطالب بمراجعة جذرية لأسعار الأدوية

وفي هذا السياق أبرزت الشبكة أنه في الوقت الذي نجحت فيه دول إفريقية، من بينها غانا ونيجيريا ورواندا والسنغال، وخاصة مصر، في نيل اعتراف منظمة الصحة العالمية بمستوى النضج الثالث (ML3)، يجد المغرب نفسه، وفق البلاغ، في تراجع غير مبرر.

وأضافت أن هذا الإخفاق يضرب في العمق مشروع السيادة اللقاحية (وحدة ابن سليمان)، ويقلص فرص تسويق المنتوج الدوائي المغربي قاريا ودوليا، ما يضيع على البلاد فرصا استثمارية واستراتيجية كبرى.

وأمام هذا الوضع، طالبت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة بربط المسؤولية بالمحاسبة، وإعادة النظر في أساليب التدبير والحكامة داخل الوكالة، والحد من تدخل الشركات في السياسة الدوائية الوطنية، إلى جانب النشر الفوري والشامل لتقرير منظمة الصحة العالمية، وفتح تحقيق شفاف لتحديد المسؤولين عن هذا التراجع الذي يمس، حسب تعبيرها، بالأمن القومي الصحي.

كما دعت إلى إقرار مراجعة جذرية لأسعار الأدوية، بتنسيق مع إدارة الجمارك والصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، لوضع حد لما وصفته « بالجشع »، وضمان الحق في الدواء للجميع، إضافة إلى تحويل الوكالة إلى مؤسسة وطنية مستقلة ذات سيادة كاملة في اتخاذ القرار، ووقف نزيف الكفاءات عبر اعتماد ميثاق حوافز يحفظ كرامة الأطر العلمية.

تشكيل «لجنة يقظة وتدقيق»

وشدد البلاغ على ضرورة تفعيل الدور الدستوري لمجلس المنافسة، والانتقال من منطق «التوصيات» إلى منطق «الزجر» في مواجهة ممارسات «الاحتكار والجشع والتواطؤ والاتفاقات المنافية للمنافسة في سوق الدواء، سواء تعلق الأمر بالأدوية الأصلية أو الجنيسة».

وختمت الشبكة بلاغها بالتأكيد على أن السيادة الصحية هي عماد الدولة الاجتماعية، ولا يمكن، بحسب تعبيرها، رهنها «لسياسات فاشلة أو تدبير مرتجل».

وعلى هذا الأساس، أعلن المجلس الإداري للشبكة عن تشكيل «لجنة يقظة وتدقيق» تضم خبراء قانونيين وعلميين، لمتابعة تداعيات هذا الملف، واتخاذ مختلف الخطوات النضالية والقانونية دفاعا عن حق المغاربة في أمن دوائي عادل وموثوق، وأمن صحي شامل للجميع.

تحرير من طرف حمزة الضيفي / صحفي متدرب
في 23/12/2025 على الساعة 08:30