يتكون "الربيع" من ثلاثة أنواع هي القزبر والمقدونس والكرفس، ويعزى سبب تسميتها لكونها من أول النباتات التي تظهر في فصل الربيع ولها قيمة دوائية وصحية عالية، ويدعى بائعها بـ"بائع الربيع"، ذلك أنه يبيع معها أيضا نباتات وأعشاب أخرى ومكونات للسلطات.
مهنة لم تكن الأولى في حياة التسولي، بيد أنه كان يبيع في البداية الحلوى بمدينة طنجة، ثم انتقل بعد ذلك إلى بيع "الربيع" والنعناع وباقي المواد في مدينة أصيلة، التي قدم إليها عام 1942، بسبب ظروف والده الذي كان جنديا وتم نقله إلى أصيلة.
رجل طاعن في السن وميسور الحال، ولد عام 1928 بنواحي مدينة القصر الكبير، استطاع أن يتقلد الأمور في أسرته، له سبعة أولاد متزوجين إضافة إلى ثلاثة آخرين عزاب، متحاب مع الجميع إلى أبعد حد، يتبادل القفشات والمقالب الظريفة، التي يستعرضها بمودة كلما التقى بأحد أصدقائه أو أحد زبائنه، مازال التسولي وفيا لمهنته ومقيما على رقة عواطفه وهو يشعر بالراحة والرضى لما وصل إليه، مؤكدا أنه معجب بهذه المهنة ولا يعتقد أنه سيتخلى عنها يوما ما إلى أن ينتقل للدار الآخرة.

© Copyright : براهيم توكار - Le360
كل يوم يستيقظ التسولي منذ الفجر كي يستعد لفتح دكانه على الساعة الثامنة صباحا ويغلقه في حدود الساعة الحادية عشرة ليلا، يعمل طوال اليوم على بيع القزبر والمقدونس والكرفس والنعناع والزعتر والفليو واللويزة والثوم والحامض والفلفل الحار والخس إضافة إلى البيض البلدي، وهي مواد منها ما يزرعها داخل مزرعة في منزله؛ كالنعناع والقزبر والمقدونس والكرفس، بينما الباقي يشتريه من مزارع أخرى ويعيد بيعها بالتقسيط، ومن أكثر المنتوجات إقبالا هي النعناع و"الربيع" والفلفل الحار.
وديع وذو خفة وهو مشغول في خدمة زبنائه، بإتقان فائق يربط الشرائط حول باقة من النعناع أو الأعشاب والنباتات التي يبيعها، وبرشاقة رائعة يتحرك داخل دكانه في سوق أصيلة، دكان شكلت الصور خلفيته لترسم لوحة تذكارية عنوانها التاريخ بين ثلاثة ملوك؛ هم الراحلين محمد الخامس والحسن الثاني والملك محمد السادس، كما أحسن تزيين دكانه بصور تروي حكاياته مع كرة القدم وهي صور لفرق ولاعبي كرة القدم المحلية والوطنية والإسبانية.

© Copyright : براهيم توكار - Le360
صور يعتبرها التسولي عنصر تزيين، تبعث على الشعور بالارتياح والمؤانسة لاسيما حين يتحدث عنها مسترجعا ذكريات زمن الماضي الجميل وأيام ممارسته لكرة القدم، وحول هذه الصور يقول " أنا أعشق كرة القدم وكنت في صغري ألعب مع فريق الحي، ومازالت إلي يومنا هذا أشاهد مقابلات فرق الحي كل يوم أحد كما أشاهد مقابلات فريقي المفضل ريال مدريد"، موضحا أنه منذ السبعينات لم يعد يلعب كرة القدم، لكن حاليا مازال مهووسا فقط بمشاهدتها، وكان اللاعب المغربي الذي يفضله التسولي هو العربي بن بارك لاعب المنتخب المغربي الملقب بـ"الجوهرة السوداء"، لكن اليوم هو عاشق لفريق ريال مدريد الإسباني ويفضل مشاهدة اللاعبين كرستيانو رونالدو وكليبر بيبي.
لم يخف التسولي إعجابه الشديد بمدينة أصيلة، واصفا إياها بالمدينة الصغيرة والجميلة، وقال، إن كل الناس تعرف بعضها وهي مدينة هادئة يعمها الأمن والأمان، مشيرا أن المدينة ذاع صيتها عالميا على إثر احتضانها لمنتدى أصيلة الدولي الثقافي، وذكر أن السياح يزورونه كثيرا خاصة في فصل الصيف موازاة مع تنظيم المنتدى، إلى جانب العديد من الشخصيات المعروفة داخل وخارج المغرب، وتتضمن مشاهير الفن والثقافة والرياضة والسياسة، ومن بينهم محمد بن عيسى أمين عام منتدى أصيلة ووزير خارجية المغرب سابقا الذي يزوره من وقت لآخر ويشتري منه العديد من النباتات والأعشاب، بينما يقبل السياح على شراء النعناع والزعتر واللويزة بكثرة مقارنة مع باقي المنتوجات الأخرى.
إذا سألت في أصيلة عن التسولي قد لا يعرفه كثيرون أو بالأحرى معظم الناس، ذلك أنه معروف بلقبه "الظروف"، وهي تسمية باتت تلازمه منذ أن كان شابا عاطلا عن العمل إلى يومنا هذا، إذ كل الناس تنادي عليه بـ"الظروف"، وترجع قصة هذا اللقب إلى ظروف صعبة كان يمر منها في أيام شبابه، حينذاك كان يتسكع في المقاهي، وفي إحدى الليالي انضم إلى أصدقائه في جلسة سمر، ودأبت العادة أن يغني كل واحد منهم أغنية من اختياره، من أجل المرح وتمضية الوقت، فاختار التسولي أداء أغنية للفنان عبد الهادي بلخياط بعنوان "الظروف"، ومنذ ذلك الوقت لم يعد يناديه أصدقاؤه باسمه الحقيقي وإنما بلقب "الظروف" لأن الأغنية كانت تساير إلى حد كبير الفترة التي كان يمر منها، ومن كلماتها:علاش جيتي فهاد الظروف
ظروف قاسية و صعيبة
خوفي عليك و انت معروف
ويلا الناس دوات مصيبة



