أصدرت إحدى المحاكم مؤخراً حكماً بسنتين حبسا ضد شخص قام باغتصاب طفلة لا يتجاوز عمرها إحدى عشر عاماً، وستصبح من جراء هذا الفعل أماً لطفل غير شرعي، وذلك بعد التعرف على الجاني ضمن المغتصبين الثلاثة بفضل إثبات اختبار الحامض النووي.
بهذه الطريقة نحمي في بلادنا طفلة تم اغتصابها لمرات عديدة، محكوم عليها أن تلد ثمرة اغتصاب همجي في سن لا يتجاوز الثانية عشرة.
هل يعني هذا أن حياة طفلة وطهارتها النفسية والبدنية لا تساوي شيئا يذكر؟
أو أن ثقافة الاغتصاب أصبحت تخضع لـ »واسع نظر » القضاة؟
أو أن جسد المرأة في مجتمعنا لا يستحق الحماية والاحترام؟
أو أن هِؤلاء الذين يمارسون العدالة والقضاء بسخرية لم تلدهم نساء هن أمهاتهم؟ أليس لديهم بنات أو أخوات؟
ألهذا المستوى من التدني الأخلاقي أصبح مجتمعنا يتعامل مع الحقوق المقدسة لطفلة بدلا من أن نضمن لها الأمن والحماية والتربية والعدل؟
كيف نقبل أن يكون قانون هِؤلاء الرجال المتخلفون هو قانوننا؟ وكيف نقبل أن يعامل الضعفاء بكل هذا الاحتقار؟ وأن يكون الإفلات من العقاب هو الرد على العنف والوحشية والظلم؟
من نكون إن قبلنا الا يدفع مغتصب الأطفال ثمن جريمته؟ إن سمحنا بأن تتحمل طفلة ذات أحد عشر عاماً وحدها عبء نظام يعفي بعض الرجال من تحمل مسؤولياتهم ويعاقب الأطفال بدلاً من هؤلاء الآباء بل ويبرئ ذمة الجناة وحفاري قبور الشرف والكرامة والإنسانية؟
نعم، فطالما أن النساء لا يُحترمن ولا تحميهن كل القوانين ببلادنا، ولا تتم مساواتهن كلياً مع الرجل، فستظل هذه الفجوة وهذه الفكرة بأن دونية المرأة هي التي تسمح بألا تعاقب تلك الجرائم بشده وصرامة مثاليتين.
لي كامل الثقة في نساء بلدي وكذلك رجالها في التصدي بقوة وبشدة لهذا الوضع كي لا يجرؤ أبداً أي من هِؤلاء القضاة بتلك القرارات، من إمكانية تدمير جسد ونفس وروح وعقل طفلة ذات إحدى عشر ربيعاً لا تستطيع التمتع بالعدل والقانون.
وأيضاُ لكي نبني معاً مجتمعاً تحترم فيه المرأة وتتمتع فيه بكل حقوقها الأساسية في المساواة ولا تنتهك فيه الحقوق باسم أي معتقد أو ايديولوجيات متخلفة ناجمة عن تفسيرات رجعية تشجع العنف ضد المرأة وتبقي مسافات بين حقوق الرجل وحقوق المرأة.