ورغم هشاشة تسيير بعض المهرجانات الفنية إلاّ أنّ هناك العديد من المهرجانات التي أضحت ذات ميزة مهمّة سواء للمواطن الذي يجد فرصة للاستمتاع بالموسيقى والغناء رفقة نجوم يُحبّهم أو من ناحية تغذية واقع السياسة المحلية في بعض المدن مثل الرباط والدارالبيضاء ومراكش وأكادير وغيرها. لهذا يجد المواطن نفسه خلال هذا الفصل من السنة أمام فضاءات للاستجمام والترفيه تجعله يُطلق العنان لجسده وهو يحتكّ بشكل مباشر بكوكبة من الفنانين الذين يُحبّهم. وفق هذا المعطى تلعب المهرجانات الصيفية دوراً في تقوية أواصر الصداقة بين الفنان وجمهوره ذلك إنّها توفر لهم على الأقلّ فرصة اللقاء والاستماع بشكل مباشر إلى المغني والرقص معه.
فهذه الطريقة في التفاعل مع العمل الفني تجعل الناس تقبل بشدّة على مهرجانات الصيف، حيث يكون الجسد في كامل فتنته وبهجته. لهذا تحرص الجهات المنظمة لهذه التظاهرات الفنية على استقطاب جملة من الفنانين البارزين، سيما من الوجوه الغنائية الجديدة التي تشغل وسائل التواصل الاجتماعي بأعمالها الغنائية وخرجاتها الإعلامية. إنّ الرهان على الوجوه الجديدة بات مطلباً حيوياً داخل المهرجانات، سواء كانت غنائية أو سينمائية. وتُحقّق هذه الوجوه الشابة نجاحاً كبيراً داخل المهرجانات الصيفية، لأنّ أعمالها تلقى رواجاً فنياً داخل الأجيال الجديدة وتُحقّق معها انسجاماً كبيراً بسبب طبيعة المواضيع التي تعمل عليها كتابة وغناءً وعزفاً.
تُحقّق المهرجانات الصيفية متعة حقيقية بالنسبة للمواطنين الذين يجدون أنفسهم في مدن ساحلية يستمتعون بالبحر طيلة النهار وفي المساء يرنون إلى الاستماع إلى الموسيقى والغناء في سهرات فنية على تضاريس الفضاءات العمومية. إنّ هذه المهرجانات لا تسعى فقط إلى الترويج لبعض الفنانين ولكنّها تعطي لمفهوم « الفضاء العمومي » بهجته وجمالياته، إنّها تجعله يستعيد رونقه وجمالياته وقيمته على مستوى تنظيم العروض المسرحية وحوار المجتمع المدني وتنظيم معارض تشكيلية تخرج من سراديب اللوحة المسندية وتفتح لها أفقاً صوب الفضاء العام المفتوح.
تُبلور المهرجانات الصيفية مفهوماً أصيلاً للفضاء العمومي الذي يغدو فضاءً حياً تتحرّك داخله الأجساد وتصدح فيه الموسيقى والغناء. وإذا كانت المهرجانات الغنائية تحقق نجاحاً كبيراً مقارنة بنظيرتها السينمائية، فذلك يعود إلى كون هذه المهرجانات مجانية ومفتوحة في وجه المواطنين، في حين تظلّ المهرجانات السينمائية حكراً على وجوه سينمائية بعينها والمرتبطة أساساً بضيوف المهرجان وحاشيته.
تغذي المهرجانات الصيفية واقع السياحة الوطنية بحكم العدد الكبير من الأجانب الذين يفضلون قضاء عطلة الصيف. هكذا يجدون أنفسهم وسط هذه المهرجانات التي تغذي روحهم وتحقق لهم نوعاً من المتعة والاستجمام والترفيه رفقة عائلاتهم. في حين تستفيد المدن من هؤلاء السياح الذين يساهمون في الرفع من منسوب نمط حياة هذه المدن من ناحية كراء المنازل والفنادق والمطاعم والمقاهي.