هكذا كانت البداية
قالت "المساء"، إن احتراف شباب وشابات واد زم لظاهرة "الأرناك" لم يأت من فراغ، إذ يرجع تاريخ ظهورها لبداية الألفية حوالي سنة 2002، في هذا الصدد تعلق مصادر الجريدة، "أنه بعد تراجع الشغف بالهجرة السرية، أصبح الشباب يتعاطون للإنترنيت، ببيع الرموز الخاصة بمواقع اللعب.. قبل أن ينقلب الأمر إلى ابتزاز الخليجين بواسطة فيديوهات فاضحة..".
لقد كانت البداية الأولى مع مواقع اللعب، وهو الأمر الذي أكده أحد "الأرناكورات" الذين قابلتهم "المساء"، نشأ معه تحصيل مبالغ مالية متواضعة، إذ كان يجمع "الأرناكور" عددا معينا من الرموز، التي تحصل عليها بواسطة النصب على مرتادي مواقع الدردشة والباحثين عن الإثارة الجنسية، الذين كان في السابق يشكل الأوربيون نسبة مهمة منهم، حيث كان يقوم "الأرناكور" بعرض مقاطع ساخنة للباحث عن الإثارة وتوسله لمدة بالمقابل، برموز اللعب التي يتم تحويلها لاحقا، على مواقع اللعب بمبالغ مالية بقيمة 1.5 أورو للرمز، بعد أن اقتناه صاحبه الأصلي بـ3 أوروهات. وكان "الأرناكور" سابقا يكد ويجتهد لجمع أكبر عدد من الرموز، قبل أن يعمد إلى تحويلها نقدا، وتسلمها عبر إحدى وكلات تحويل الأموال.
وأضافت الجريدة، أن مداخيل ابتزاز "الأرناك" الحالي للخليجيين، يذر أضعاف ما كان تذره رموز اللعب، فمقارنة ما معدله 5000 درهم شهريا، التي كان "الأرناكور" يتحصل عليها سابقا، بات المبلغ جد متواضع أمام المداخيل الهامة للابتزاز الحالي، والتي تناهز الملايين من السنتيمات أسبوعيا.
حياة الثراء
أبرزت "المساء"، أن جل قضايا الابتزاز التي توبع من أجلها "الأرناكورات"، أبرزت أن المبتزين تلقوا ملايين السنتيمات، وهو الأمر الذي عاينته الجريدة عن قرب بمدينة واد زم، إذ وقفت على حالة شاب ذي 16 سنة قام والده بتعنيفه بعد اكتشاف أن ابنه "أرناكور" وقام بطرده خارج المنزل، فما كان من الشاب إلا أن اقتنى فيلا بـ83 مليون سنتيم بمنطقة واذي الذهب بالمدينة ذاتها، ليفاجأ الأب بحجم الأموال التي يتوفر عليها ابنه، قبل أن يعمد إلى مصالحته.
"أرناك" بصيغة المؤنت
لم يعد أمر الاحتيال الرقمي عن طريق الفيديوهات الفاضحة مقتصرا على فئة الذكور من الشباب، إذ أضحت الفتيات بدورهن مساهمات في إنتاج الظاهرة، ويتجلى ذلك حسب عبد العزيز لعسلي، وهو ناشط مدني بواد زم في حديثه لـ "المساء" عبر مستويين: أولا، أن الفتيات بدورهن بتن يستدرجن الضحايا من الخليجيين، واستثارتهم بمناظر جنسية، قبل أن تعمدن بدورهن إلى ابتزازهم مقابل المال.
ثانيا، ويتجلى في استعاضة الشباب الذكور عن الفيديوهات الساخنة المفبركة، التي كانوا يغرون عبرها الضحايا حتى يقعوا في وضعيات جنسية خليعة، بفتيات حسناوات تم استقدامهن لهذا الغرض.
تكاتل "الأرناكورات"
بالرغم من أن الشباب "الأرناكور" بواد زم، يشتغل كل واحد على حدة، إلا أنهم يتكتلون فيما بينهم، ويتجلى ذلك في المناسبة التي يعتقل أو يلاحق أحدهم، حينما ينبرون لجمع مبالغ مالية بغية الدفاع عنه، أو في حال حادث سير، بواسطة دراجاتهم أو سياراتهم السريعة.
إنهم جيل "الأرناك"، الذين عوضوا فئة الشباب المهاجرين في السابق، الذين شكلوا فيما مضى مركز ثقافة الشباب، وحلمهم في رحلة البحث عن الذات، بحيث يعيشون مجتمعين في إحدى الشقق، يمارسون "الأرناك" بصحبة الفتيات خلال الليالي الصاخبة، إذ يشكل اللهو الوجه الآخر لـ"الأرناكور"، الذي ينفق فيه أموال الخليجيين، بهذا الصدد يعلق لعسلي وهو أحد الفاعلين المدنيين بواد زم، "الدراري راهوم تبلاو، وهناك حتى المخدرات الصلبة..، وحينما تنقضي فرصة اقتناص الخليجيين و"الأرناك"، سيمارسون السلب والنهب لا محالة..".
"الأرناك" يروج الاقتصاد!
بعد تراجع عائدات المهاجرين، واستقرار جلهم بواد زم، أضحت ظاهرة "الأرناك" مصدرا ماديا بديلا للمدينة، حيث يؤكد كل الفاعلين الذين التقتهم "المساء"، أن الشباب "الأرناكور" أضحوا "مروجين المدينة.."، فالعديد من القطاعات انتعشت معهم، بدءا بتجارة السيارات والدراجات واللباس، والمطاعم التي باتت تعمل حتى حدود الساعة الثالثة صباحا خدمة لهم، وكذا قطاع العقار، ناهيك عن العشرات من المؤسسات البنكية ووكلات صرف الحوالات، التي تنتشر بكثرة بالمدينة رغم عدم توفرها على موارد اقتصادية مهيكلة.
في سياق متصل، أكد أحد "الأرناكورات"، أن التهميش والبطالة التي يعيشها الشباب، تظل أحد العوامل المباشرة للظاهرة، قائلا: "أنا أريد أن أبحث عن عمل شريف، لكن أين أضع سيرتي الذاتية؟ "فالأرناك"، رغم عدم شرعية نشاطاته، أمسى أهم مورد للمدينة، إذ يكفي أن تجلس بإحدى المقاهي بالمدينة حتى تقفز إليك مظاهر الثراء على الشباب الذين يرتدون أفخر الثياب، ويركبون سيارات فاخرة..".