فتحت "الأخبار" صفحتها الأولى بما سمته تحقيقا عن "أسرار نشاط شبكات سحر وشعوذة ضحاياها رجال أعمال وشخصيات معروفة"، وعددت حكايات شخصيات سقطت في شراك أصحاب "السماوي" بعد أن سلبت منهم عشرات الأموال عن طيب خاطر.
وسردت اليومية حكاية والدة مسؤول بالداخلية تعرضت للنصب، وتحكي الصحيفة أن الشرطة أوقفت بالرباط شهر شتنبر الماضي أفراد شبكة متخصصة في النصب عن طريق ما يعرف بـ"السماوي" تحترف ممارسة طقوس الشعوذة للتأثير على نساء تظهر عليهن علامات الغنى.
وتضيف "الأخبار" أن من بين ضحايا هذه الشبكة هناك والدة مسؤول أمني رفيع بوزارة الداخلية، التي سلبها ثلاثة من أفراد العصابة مجوهرات قيمتها 12 مليون سنتيم، الوصول إلى الجناة جاء بعد تحرك مسؤولين أمنيين كبار، من خلال عرض صور متهمين معروفين بنشاطهم بالنصب بتقنية "السماوي" لتتعرف الضحية على بعضهم.
وسيظهر البحث أن المتهم الرئيسي في الملف يقيم بمدينة خريبكة، ليجري اعتقاله وتظهر خيوط اللعبة، وتزيد اليومية، أن المتهم قام بإيقاف الضحية عندما كانت مارة بالشارع مستفسرا إياها عن مكان وجود مسجد النور بحي أكدال بالرباط، الضحية أخبرته أنه لا وجود لمسجد يحمل هذا الاسم، ليظهر المتهم الثاني ويخبر الأول أن هناك مسجدا يدعى بدر في الجوار، ويبدأ معه حوارا سيقت والدة المسؤول الأمني لحضوره.
وتتابع "الأخبار"، بدأ ذلك بإخبار المتهم الاول للثاني أنه يعاني حالة اكتئاب بسبب مشاكل شخصية، كما أن والده مريض ويرقد بالمستشفى، ليجيبه المتهم الذي كان فقط يحاول إرشاده إلى مكان المسجد، أن كلامه صحيح. وخلال هذه اللحظة بدأت الحيلة تنطلي على والدة المسؤول الأمني، خصوصا بعد حضر متهم ثالث أخبره الاول أنه يحمل معه شيكا بخمسة ملايين سنتيم، ليجيبه اشخص الثالث بأن هذه المعلومة صحيحة، لتسقط المرأة في شباك العصابة التي أقنعها أفراد العصابة بإحضار مبلغ 12 مليون سنتيم بخزنة حديدية بمنزلها إليهم بداعي مباركتها قبل سلبها منها وتركها مشدوهة وسط الشارع.
وواصلت يومية "الأخبار" عرض حكايات لضحايا شراك النصابين، وعادت لتذكر بحادث الروائية والكاتبة المغربية خناتة بنونة، التي سلبتها عصابة متخصصة في أسلوب "السماوي" ما قدره 61 مليون سنتيم، بعد أن غسلوا دماغها، لتتوجه صوب وكالتها البنكية وتسحب الملايين وتمنحها للجناة.
غير أن أبرز قصة سردتها "الأخبار" تعود لسيدة أعمال وقعت ضحية صديقتها، التي قدمت نفسها كمنقذ لها، من خلال اساليب شعوذة وسحر، لتبتز منها مبالغ مالية وصلت إلى 700 مليون سنتيم.
وتروي الجريدة حكاية تعود إلى شهر غشت من السنة المنصرمة، عندما تقدمت سيدة أعمال من عائلة ثرية إلى أحد مراكز الدرك الملكي بـ"طماريس" وهي في حالة انهيار تام، لم تتوقف عن البكاء، وهي تدلي بتبليغ بجمل متهدجة تنم عن رعب جلي.
وتضيف اليومية أن القصة بدأت وانتهت بتسليمها، كما تقول، مبلغا فلكيا قدره مليارين و700 مليون سنتيم لامرأة مقابل "علاجها من جميع أمراضها عن طريق إحياء ليالي وطقوس التعرض لمكروه قد يؤدي إلى وفاتها.
وحسب ما حكته ىالضحية، فإن البداية كانت في فاتح أبريل من سنة 2013، بعد أن تطلقت الضحية من زوجها، لتدخل أزمة نفسية قاهرة، وفي خضم هذا التحول ستتعرف الضحية على صديقة جددية ستقلب حياتها رأسا على عقب.
فتحت الضحية قلبها لصديقتها الجديدة، وروت لها تفاصيل معاناتها، لتقنعها المتهمة أنه بإمكانها معالجتها، بدأ الأمر بمطالبة المتهمة لصديقتها بالمواظبة على الصلاة والتمسك بالدين، وتقول "الأخبار" أن العلاقة ستتطور إلى درجة أن المتهمة تملكت الضحية، خصوصا حينما أخبرتها المتهمة بأن هناك عوارض وعكوسات داخل جسمها مخبرة غياها أن هناك "جنود الله من المسلمين سيعملون على محاربة جنود كفار الذين يسيطرون على جسمها"، أقنعتها بأنها ستتكلف بشفائها عن طريق إحيائها، رفقة خادمتها، عدة ليال داخل زوايا بمولاي بوعزة وبويا عمر وبويا رحال وشمهروش بضواحي مراكش، ومولاي إبراهيم وسيدي علي بنحمدوش وسيدي مسعود بن حساين.
النصابون لصوص ظرفاء
تتطرق الفصول ما بين 540 و546 من القانون الجنائي المغربي إلى عقوبة النصب، التي تتراوح ما بين سنة و5 سنوات، مع أداء غرامة من 500 إلى 5 آلاف درهم. ورغم أن جريمتا النصب والسرقة تشتركان في كونهما تعتديان على ملك الغير، إلا أنهما تختلفان في الوسائل المستخدمة لارتكاب الجريمة، فالسارق يستخدم العنف والتهديد لسرقة ضحاياه، بينما النصاب يوظف الحيل والذكاء فقط للوصول إلى مبتغاه. لكن النصابين، في نظر أستاذ علم الاجتماع علي شعباني، هم "لصوص، وإن كانوا لا يستعملون العنف في الغالب، بل يلتجئون إلى حيل ومقالب ذكية وماكرة، تجعلهم يكتسبون ثقة وطمأنينة ضحاياهم".