وشهد شاهد من أهل "شارلي إيبدو" موجها اللوم إلى الخط التحريري الاستفزازي للمجلة، وسياسة الكيل بمكيالين، تتحمس للسخرية من الإسلام لأن الدين ليس بمنأى عن حرية التعبير، وتختبأ وراء درع "معاداة السامية"، إن تعلق الأمر برسم كاريكاتوري عن اليهودية، هذا ما يستشف من مقال جريء، لديلفيل دو تون، أحد مؤسسي المجلة بداية السبعينات، نشر بعد تردد، وباعتراف من مسؤولي "الأوبسرفاتور" الفرنسية.
وخلف مقال ديلفيل دو تون البالغ من العمر 80 عاما، وهو للإشارة أحد مؤسسي التجربة الأولى "هارا كيري" التي تحولت فيما بعد إلى "شارلي إيبو"، ضجة كبيرة في وسائل الإعلام الفرنسية، والسبب لأن ديلفيل، عاتب بشكل كبير صديقه القديم المغتال يوم 11 يناير، ستيفان شاربونيي، الشهير بـ"شارب"، وكتب قائلا "أعاتبك يا شارب لأنك قدت هيئة تحريرك إلى الموت".
وفي مقال مطول عبارة عن عمود رأي نشرته "لوبسيرفاتور" بعد تردد، يسرد ديلفيل حكاياته مع بدايات "شارلي إيبدو"، ويخصص حيزا هاما لمرحلة وصول المدير الحالي فيليب فال، وكيف أن الاختلاف كان على اشده بين هذا الأخير وديلفيل.
واعتبر ديلفيل وصول فيليب فال إلى إدارة المجلة ساهم في الزج بالمجلة في صراع صهيوني وإسلاموفوبي.
وقال الصحافي المخضرم في مقاله إنه كان دوما معارضا لنشر رسوم كاركاتورية للرسول محمد (صلع)، وأن رسام الكاركاتير ولونسكي، الذي قضى هو ايضا في الهجمات، قال عندما نشرت المجلة رسوما للرسول الكريم، أعقبه إحراق مقر "شارلي إيبدو" سنة 2011، "أعتقد أننا بلا وعي، حمقى، نعتقد أننا في منأى عن الخطر لسنوات وعقود، نقوم باستفزاز الآخرين، ويوما ما يرتد هذا الاستفزاز علينا، ما كان علينا القيام بذلك"، اي نشر الرسوم.
ولم يخلق استشهاد ديلفيل بعبارة ولونسكي غضبا لدى المساهمين الحاليين في "شارلي إيبدو"، بل تعداه إلى مقاضاة "لوبسيرفاتور" من طريق محامي "شارلي إيبدو".
واضاف ديلفيل، رغم اعتراف وتحذير ولونسكي، عاد شارب إلى نشر الرسوم سنة 2012.
واعتاد ديلفيل دو تون بجرأته وحياده أن يخلق الجدل، فقد كان سباقا سنة 2008 إلى التضامن مع الصحافي ورسام الكاركاتير "سيني"، الذي طردته المجلة حينها، بعد أن رسم ابن نيكولا ساركوزي بسبب اعتناقه الديانة اليهودية، حينها اتهم سيني بمعاداة السامية، وساند ديلفيل زميله، إلى أن انتصر على "شارلي إيبدو" وحكمت له المحكمة بتعويض فاق 90 ألف أورو، بسسب الطرد التعسفي.